
أنا من سكّان بِيتا، وهي بلدة تقع جنوب نابلس، وعدد سكانها نحو 13,000 نسمة. قبل نحو سنتيْن أقمتُ مصنعًا لغذاء الدجاج وهو يقع على خط التماس بين عَقْرَبَا وبِيتا.
عائلتي تملك الأرض التي أقمتُ عليها المصنع، ومساحتها تبلغ أربعة دونمات، وهي منطقة معزولة جدًا بحيث يخلو المكان من أيّ بيوت سكنيّة. المكان مُسيّج بجدار اسمنتيّ يبلغ ارتفاعه نحو متريْن وفوقه سياج شبكيّ. وفي المكان بوّابة دخول كبيرة. يعمل لديّ حارس ليليّ يحضر في نهاية يوم العمل وينام في الموقع ومعه كلب. الكهرباء غير متوفّرة هناك طبعًا ولا توجد كاميرات حراسة، ولذلك اشتريْت مولّدات كهربائيّة تعمل على السولار. لديّ صهريج سولار سعته 15,000 ليتر. المولّدات والصهريج موجودة داخل الساحة بجانب السور العالي.
يبعد المصنع قرابة 6 كيلومترات عن مستوطنة أيتمار الواقعة فوقه. والمستوطنة تُطلّ كلها على المصنع وتوجد طريق ترابيّة تصل إلى الموقع.
ليست هذه المرة الأولى التي يضايقني فيها المستوطنون. في فترة “الجرف الصامد” جرت محاولة إحراق، إذ حضروا يومها في يوم لم يكن فيه العمال موجودين، في أيّام رمضان، وكنّا نعمل في الليل بسبب الصيام. اندلع حريق وكان الحارس في الداخل وخاف من الخروج، ثم سمع أصواتًا بالعبريّة وضجّة. في نهاية المطاف نجح في السيطرة على النار بمعدّات الإطفاء التي لديه. لم نقدّم شكوى عندها لأنّ الوضع كان متوتّرًا بسبب الحرب.
قبل نحو ثلاثة أسابيع سمع الحارس مرة أخرى أصواتًا وحديثًا بالعبريّة. وقد خاف من الخروج واستحكم في المصنع. اتّصل بي وعندها خرجت برفقة بعض أقربائي، ويبدو أنّ هذا دفع المستوطنين للهرب، بعد أن حضروا إلى الموقع بوساطة “تراكتورونات” (دبّاب) على الطريق الترابيّة.
في يوم 9.12.2014 عمل العمال من عَوَرْتا وبيتا لساعات إضافيّة، حتى منتصف الّليل. ظلّ الحارس في الليل لينام في الموقع، وترك المكان قرابة السّاعة الثامنة والنصف صباحًا.
في السّاعة العاشرة صباحًا من يوم 10.12.2014، حضر مدير العمل الذي يعمل لديّ وهو من عورتا، إلى المصنع ورأى من الخارج دخانًا يتصاعد بجانب الجدار. عندما اقترب من بوابة المصنع لفتحها شاهد ثلاث شخصيّات تركب على دبّاب باتّجاه مستوطنة أيتمار. اتّصل مدير العمل بي فورًا وأنا اتّصلتُ بمطافئ بورين، الذين حضروا إلى الموقع بعد نحو نصف ساعة. كان الحريق مندلعًا في ساحة المصنع، وقد احترق مُولّدان كهربائيّان بالكامل، ومعهما السولار الموجود في صهريج الـ 15,000 لتر، وكلّ الشبكة الكهربائيّة التي تربط منظومة السّباكة.
اتّصلتُ بمديريّة الارتباط الفلسطينيّة، فحضر أفراد منها مع أفراد من مديريّة الارتباط الإسرائيليّة ووحدة التحليل الجنائيّ. وقد جاءوا في الظهيرة تقريبًا. لم يُعطوني أيّ تصديق، إلّا أنّهم قالوا إنّه جرى فتح ملفّ إسرائيليّ-فلسطينيّ مشترك.
الضرر الماديّ هائل والمصنع الآن مُعطّل.