

تملك عائلتي قطعة أرض على مساحة دونميْن ونصف الدونم، الواقعة على مسافة 2 كم غربيّ مخماس، و2.5 كم جنوبيّ البؤرة الاستيطانيّة ميـﭼرون. توجد في قطعة الأرض 27 شجرة زيتون كبيرة وقديمة، يبلغ عمر الواحدة عشرات السنين. نعاني منذ إقامة البؤرة الاستيطانيّة ميـﭼرون من مشاكل في الوصول إلى أرضنا، إذ يطردنا مستوطنو ميـﭼرون من أرضنا. قبل ثلاثة أشهر، اعتدوا على ابني ومكث في المستشفى لفترة طويلة بسبب الضربات التي تلقاها.
في الساعة السابعة من صباح 31.10.2011 خرجت إلى الأرض بمفردي. للوصول إلى هناك، عليّ المرور عبر نفق على شكل أنبوب خرسانيّ ضخم، تحت شارع 60، المعدّ لتصريف مياه الأمطار، بجوار المنحدر نحو طريق ألون.
بعد أن خرجت من النفق وسرت مسافة 200 متر باتجاه الغرب، شعرت أنّ هناك أحدًا خلفي. التففتُ ورأيتُ مستوطنًا شابًا في الـ 23 من عمره، على بعد خمسة أمتار تقريبًا، وقد كان يحمل حجرًا كبيرًا. فهمت أنّه كان ينوي الاعتداء عليّ. خاطبتُه بالعربيّة، قلت له إنّني مُسنّة، وأريته شعري الأشيب. رشقني بثلاثة حجارة كبيرة ولكنه لم يُصبني. ومن ثمّ ظهر خلفه مستوطن آخر. يبدو أنّهما رأياني من الشارع، في الطريق إلى قطف الزيتون، ولحقا بي. ظننت أنّ الثاني أتى لمساعدتي، ولكنّه أتى للمشاركة في الاعتداء. كان الآخر في العشرينات أيضًا، بشرته فاتحة، بينما كانت بشرة الأول داكنة، يبلغ طولهما 1.70 م تقريبًا. رشقني كلاهما بالحجارة، أصابني الأول في فخذي والثاني في رأسي، بجانب أذني. نزفتُ كثيرًا.
جلستُ على الأرض وانتظرتُ موتي. توسّلت بالعربيّة أن يتركاني وشأني، لأنّني لم أفعل لهما شيئًا. تكلّما بالعبريّة ولم أفهم شيئًا سوى كلمة واحدة بالعربيّة “بِرجعي”. قلت لهما إنّني سأعود. من ثم تركاني ولكنها لم يغادرا المنطقة. جلسا بجوار النفق.
استطعت مغادرة المكان بقواي الذاتيّة، والدم يسيل من رأسي. مررتُ عبر النفق، بجوارهما، ولم يقولا شيئًا.
التقيت في الطريق بشخص من القرية. رأى أنّني كنت أنزف، وأخبرته بأنّ مستوطنيْن اعتديا عليّ. قال لي إنّ هناك جنودًا في المنطقة، ونصحني بأنّ أتوجّه للجنود. وقفت على جانب الشارع (شارع 60) ثلاث سيارات جيݒ؛ ففي ذلك اليوم تم التنسيق مع الجيش لمرافقة قاطفي الزيتون إلى أراضيهم، وانتظر الجنود هناك. سألوني عمّا حدث وشرحتُ لهم أين تعرّضت للاعتداء، على بعد 300 متر من مكان وجودهم. قدّم لي الجنود إسعافًا أوليًّا واستدعوا سيارة إسعاف فلسطينيّة وأخرى إسرائيليّة.
شرحت لهم أنّ المستوطنين ما يزالان في المنطقة، ولكنهم لم يذهبوا للتحقّق من ذلك. انتظرنا سيارة الإسعاف لمدة نصف ساعة، وفي تلك الأثناء، نزل مستوطنون من ميـﭼرون باتجاه الشارع وبدأوا بإلقاء الحجارة باتجاه السيارات المارّة على شارع 60، عندئذ ذهب الجنود لرؤية ما يحدث. أقلّتني سيارة الإسعاف الفلسطينيّة إلى مستشفى رام الله الحكوميّ، حيث تلقيت علاجًا وسُرّحت في اليوم نفسه. حصلت على مستند مصادقة على الإصابة، وفي اليوم التالي، قدّمت ابنتي شكوى نيابة عنّي، لأنّني لم أكن بأحسن حال. توجّهتْ إلى الشرطة مزوّدة ببطاقة هويتي الشخصيّة، وسجّلتني الشرطة على أنّني المشتكية.
لم نتمكّن بعد من قطف الزيتون من أشجارنا الـ 25، لأنّنا نخشى الذهاب إلى الأرض، والجيش لا يحمينا.