
أنا من سكّان قرية سنجل وأعمل في الزراعة. أنا أعيش على جانب الشارع المؤدّي إلى مستوطنة معاليه ليفونا. أنا أملك أراضيَ زراعيّة تقع شمال- شرق القرية تبعد عن بيتي مسافة كيلومتر هوائيّ. قطعة الأرض قريبة أيضًا من مستوطنة جفعات هرئيل وتبعد عنها نحو 100 متر، وتقع على بعد 200 متر غربيّ مستوطنة جفعات هروئيه. تبلغ مساحة أرضي 40 دونمًا. أنا أحاول منذ سنوات ترميم قطعة الأرض، وغرس المزروعات الموسميّة مثل الميرميّة والزعتر وغرس الزيتون. ساعدني الصليب الأحمر عبر توفير الشتلات. نجحتُ في ترميم 80% من مساحة الأرض فقط. المستوطنون الذين يدعمهم الجيش ومراقبو الإدارة المدنيّة يضايقون على محاولات الترميم من دون توقف.
في يوم 20/8/2020، وأنا أعمل في الأرض، حضر إلى المكان المستوطن “ب”، ومعه نحو 20 مستوطنًا بأعمار مختلفة. اقتحموا أرضي وأنشأوا فيها خمس خيم كبيرة طول كلّ خيمة منها نحو 12 مترًا، ومعها عرائش للماشية ومُولّد كهربائيّ وصهريج مياه. وهكذا أنشأوا مزرعة جديدة على أرضي. إنّ إقامة مثل هذه المزارع هي استراتيجيّة جديدة-قديمة للمستوطنين، عبر احتلال فلسطين مترًا تلو المتر وطردنا من أراضينا.
حاولت تقديم شكوى لدى شرطة بنيامين بخصوص هذه الحادثة، ورفضوا ذلك بحجّة أنّ هذه ليست مسألة تخصّ الشرطة وأنّ عليّ التوجّه إلى الإدارة المدنيّة. في “الإدارة” رفضوا تلقّي الشكوى وأعادوني إلى الشّرطة- وهكذا دواليك. في نهاية المطاف قدّمت الشكوى لدى مديريّة التنسيق والارتباط الفلسطينيّة وأعلمت البلدية بذلك. وقتها، وعدني ضابط إدارة مدنيّة بأنّه سيهتم بإخلاء المستوطنين لأنّ الأرض بملكيّتي الخاصّة. وفعلًا، بعد 14 يومًا حضر أفراد الإدارة المدنيّة ومعهم قوّات من حرس الحدود وأخلوا المستوطنين.
لم يمضِ أكثر من يوميْن على إقامة بؤرة استيطانيّة جديدة في قطعة أرض تابعة لأناس آخرين من سنجل، تبعد نحو 400 متر عن أرضي. وعلى الفور قدّم أصحاب الأرض الشكاوى، وجرى إخلاء المستوطنين من الأرض بعد أربعة أيّام. لكنّ إصرار المستوطنين على إقامة البؤرة الاستيطانيّة الجديدة لم يفتر، فتحرّكوا قُدمًا نحو قطعة أرض أخرى. والآن تمركزوا في موقع يبعد 200 متر نحو الجنوب بالقرب من نقطة عسكريّة في المنطقة، وعلى أرض بملكيّة خاصّة. وقد اشتكى صاحب الأرض لدى شرطة بنيامين ولدى الإدارة المدنيّة في معسكر بيت أيل. وحتّى الآن لم يجرِ إخلاء المستوطن-المزارع وهو راسخ في الموقع. لقد سيّج المنطقة وأقام عرائش وخيمًا ولديه قطيع ماشية. وبرفقته عدد من فتيان التلال ويخرجون معًا إلى الميدان ويعتدون على المزارعين الذين يعملون في حقولهم. وهو يرعى قطيعه طبعًا في أراضينا. إنّه مصدر للعنف الآخذ بالتعاظم. هذه هي الطريقة التي يتّبعها هؤلاء المستوطنون العنيفون.
في يوم الأربعاء الموافق 24/2/2021 كنتُ في البيت في سريري، عندما أيقظني في السابعة صباحًا جاري المزارع وأخبرني بأنّ مستوطنين يقودون قطيع ماشيتهم ويتجوّلون في أرضي. هؤلاء مستوطنون من المزرعة التي أقيمت مؤخرًا في منطقتنا. خرجتُ على الفور إلى الأرض ووصلتُ المكان خلال نحو 20 دقيقة. عند وصولي للموقع رأيت قطيع المستوطنين في أرضي. التقطتُ صورًا للمستوطن وهو يبعد عنّي نحو 50 مترًا، له وللقطيع. أنا رأيته لكنّه لم يلحظني- وهذا أمر هام لأنّني كنتُ أرغب بمنع المستوطنين من الهرب قبل وصول الشرطة إلى الموقع.
اتصلتُ بييش دين وطلبتُ منهم المساعدة باستدعاء الشرطة إلى الموقع، لأنّني حين أحاول استدعاءهم بنفسي فإنّهم لا يردّون على اتصالي ولا يأتون. اتصلت أيضًا برئيس البلديّة وطلبت أن يُخطر مديريّة التنسيق والارتباط الفلسطينيّة. ووعدوني في المديريّة أن يهتمّوا بالموضوع. انتظرتُ في الموقع نحو ساعة ونصف السّاعة لكنّ الشرطة والمديريّة لم تحضرا إلى الأرض. بعد نحو ساعة ونصف الساعة لاحظتُ أنّ المستوطن خرج من أرضي متوجّهًا نحو أرض جاري. وهناك أيضًا رعى قطيعه نحو 20 دقيقة، ولم تصل الشرطة والمديريّة حتى تلك اللحظة. بعد مغادرة المستوطن خرجت من “مخبئي” ونزلتُ إلى الأرض واكتشفتُ أنّ القطيع أكل نحو 60 شتلة. يهمّني هنا القول إنّ المستوطنين يتبادلون الأدوار فيما بينهم، ويمكن أن يكون في كلّ اقتحام مستوطن آخر. في يوم 25/2/2021 وصلتُ رفقة ييش دين إلى محطة الشّرطة في شاعر بنيامين بغية تقديم شكوًى. بعد انتظار دام نحو أربع ساعات استقبلني مُحقّق. أردت إخباره بكلّ الأحداث العنيفة التي أعانيها من طرف المستوطنين إلّا أنّه طلب مني أن أقدّم شكوى بخصوص الحادثة الأخيرة فقط. في كلّ مرّة حاولت فيها التشكيّ بخصوص التجارب الصعبة التي نعيشها منذ سنوات، كان يُسكتني ويدّعي أنّه لا يمكن تقديم أكثر من شكوى حول حادث واحد. أعطيته صور المستوطنين والقطيع الذي كان يلتهم الحقول.