
سافرت بالسيارة برفقة اثنيْن من أصدقائي، “ح” و”ج”، في سيارة ميتسوبيشي موديل سنة 1995. سافرنا بالسيارة داخل القرية قرابة الساعة 20:30 مساءً. كان الظلام قد حلّ، وكنّا في طريقنا باتّجاه قرية يانون، على الشارع الذي يربط بين القريتيْن. تقع على طرف قريتنا بضعة منازل تابعة لعقربا. هناك أيضًا تلة اعتدنا الجلوس فوقها. فوجئنا بسيارة قادمة من الاتجاه المعاكس، ولم أعرف لمِن تكون هذه السيارة. عرقلت السيارة سيرنا، وقد أضاءت كشّافات قوية حجبت الرؤية عنّا. كانت سيارة جيݒ حمراء اللون ذات مِصدّ كبير، كسيارات الهامِر.
أوقفنا سيارتنا، وعندئذ توقّفت سيارة الجيݒ المقابلة لنا وترجّل منها مستوطن. عندما فتح الباب، أضيئت السيارة من الداخل ورأينا أنّه كان مسلّحًا ببندقية إم-16. كانت لديه سوالف طويلة، اعتمر قلنسوة (كيݒا)، كان متوسط الطول وفي الثلاثينات من عمره. وضعَ مئزرًا برزت فيه شراريب (تسيتسيوت) وكان ملتحيًا، لكنني لم أستطع التعرّف إليه. جلس داخل السيارة شخص آخر.
بدأت بالسفر بسيارة الميتسوبيشي إلى الخلف. عاد السائق إلى سيارته وسار باتجاهنا. عندما سرت إلى الخلف، كانت خلفنا سيارة أجرة وفي داخلها ثلاثة أشخاص، لذلك، لم أتمكّن من متابعة السير. نزلنا من سيارتنا وقال لنا ركّاب سيارة الأجرة: “هناك مستوطنون، اهربوا”. من شدّة الذعر، تركنا مفاتيح السيارة داخلها وهربنا باتجاه الجبل، أيّ جنوبًا حيث توجد بضعة منازل.
أخذوا يطلقون النار في الهواء، ومن ثم أتى جرّار وسيارة جيݒ. استطعنا رؤية المستوطنين من فوق التلة. ألقى أحد المستوطنين -ربّما يكون حارس المستوطنة- قنبلة يدويّة ضوئيّة ورأيناهم يدخلون إلى سيارتي وإلى سيارة الأجرة. لم يتمكّنوا من تحريك سيارة الأجرة لأنّه لم تكن لديهم مفاتيح. أخذوا سيارة الميتسوبيشي وساروا باتّجاه مستوطنة إيتمار.
جميع الوثائق الخاصّة بالسيارة كانت داخلها. بعد أن غادر المستوطنون المكان، لم نجرؤ على الاقتراب من سيارة الأجرة لبعض الوقت. بعد نصف ساعة، اقتربنا ورأينا أنّ صاحب سيارة الأجرة عاد واتصل برئيس المجلس الذي حضر إلى المكان. أخبرناه بما حدث، وبعد حوالي ساعة، اتصلنا بمديرية التنسيق والارتباط الفلسطينيّة.
قرابة الساعة العاشرة ليلًا، حضرت إلى القرية أربع سيارات جيݒ عسكريّة. رافقنا السيارات إلى مكان حدوث الواقعة، باتّجاه يانون، وقَدمت من اتّجاه يانون سيارتا جيݒ إضافيتان. كان هناك ضابطان يجيدان العربيّة، وأخبرناهما بما حدث. اقترحا علينا مرافقتهما إلى مستوطنة إيتمار. رفضنا ذلك وقلنا لهم: “لن نذهب إلى إيتمار”. اقترحا علينا الذهاب في اليوم التالي إلى ضابط مديرية الارتباط في جرزيم (نابلس). اعتقد أنّ بعض سيارات الجيݒ العسكريّة ذهبت للبحث عن المستوطنين باتّجاه إيتمار. غادر الجيش المكان حوالي منتصف الليل.
في صباح اليوم التالي، ذهبنا أنا وصديقي “ح” إلى ضابط مديرية الارتباط. دخلت وحدي لتقديم الشكوى. قصصت عليه ما حدث. لم يحدث شيء خاصّ، وحصلنا على مصادقة.
لم يحدث أن قام مستوطنون بسرقة أو حرق سياراتنا. في اليوم التالي، جُبنا أنا وصديقي “ح” المنطقة بحثًا عن سيارة الميتسوبيشي. أخذت سيارة أبي، وعلى الشارع القديم المؤدّي إلى نابلس، وجدنا السيارة محروقة بالكامل، حتى المقود. يحظر علينا السفر على هذا الشارع، مع ذلك، سلكنا هذه الطريق وعندما رأينا السيارة، عُدنا أدراجنا.
قرار سلطات تطبيق القانون في نهاية التحقيق
قدّم الطاقم القانونيّ في ييش دين استئنافًا مطالبًا بمعاودة فتح ملفّ التحقيق، وعلى الأقل استدعاء الشهود على الواقعة والمشتبه بهم المحتملين للإدلاء بشهاداتهم.
في 31.8.2008 رفضت النيابة العامّة الاستئناف وحدّدت أنّه لا يوجد أيّ مُسوّغ يدعو لتغيير قرار الشرطة بإغلاق الملّف.