
أنا من سكّان يِتْمَا، وبيتي في الجهة الغربيّة من القرية، وهو آخر بيوت القرية ويبعد نحو 50 مترًا فقط عن جدار مستوطنة رحاليم، فيما تمرّ الطريق الأمنيّة بجانبه. شُيّد البيت قبل بناء مستوطنة رحاليم، وفيه أعيش مع زوجتي وأبنائي الثلاثة وابنتي، الذين تراوح أعمارهم بين 17-25 عامًا.
كانت العلاقات مع مستوطنة رحاليم عاديّة حتى سنة خلتْ. ومن وقتها ونحن نعاني التنكيلات المتكرّرة: شبان وفتية ينزلون من المستوطنة ويقتربون من البيت ويلقون الحجارة ويشتمون ويضحكون بصوتٍ عالٍ. ويحدث هذا في الليل وفي النهار. وعندما بدأت التنكيلات المتواصلة ركبت أسيجة على كلّ النوافذ، وقد توقفنا عن الجلوس في بستان البيت خشية من المستوطنين.
فمثلًا، قبل نحو شهر، وقرابة السّاعة 2:00 بعد منتصف الليل، سمعتُ ضجّة في الخارج، فخرجتُ ومعي مصباح ورأيتُ أشخاصًا يهربون باتّجاه المستوطنة. في عيد الفصح، وقبيل الحادثة التي سترد تفاصيلها لاحقًا، كانت مجموعة مستوطنين تحضر كلّ يوم وطيلة أربعة أيّام متواصلة، قرابة السّاعة 15:00، إلى ساحة البيت ويدخلونها. وعندما كان أحد أفراد العائلة يخرج كانوا يبتعدون لأمتار عديدة صوب الطريق ويواصلون الشتم.
في واحد من هذه الأيّام خرجت زوجتي من البيت، وفور خروجها بدأ المستوطنون بسبّها بمسبّات تحقيريّة (“شرموطة”) وصرخوا بأنّ على العائلة ترك البيت. وخلال ذلك خرجتُ أنا أيضًا من أجل حماية زوجتي، وحاولت التحدّث مع المستوطنين وقلتُ لهم إنّ هذا بيتي وهم يقتحمونه، لكنّهم ردّوا عليّ بالشتائم. وقد شتموا وحقّروا عائلتي والدين. تواصلت هذه المواجهة قرابة الساعة والنصف حتى الساعتيْن. لم أقدّم شكوى في الشرطة أو لدى مديريّة الارتباط لخصوص هذه الحادثة لأنّن لا أريد أن أورّط نفسي، فأنا أعيش بمحاذاة المستوطنة وأخاف. وتتألّف مجموعة المُنكّلين من قرابة ستة فتيان تراوح أعمارهم بين 14-17 عامًا. وهم الفتيان أنفسهم دائمًا.
في يوم الحادثة التي أتحدّث عنها في سياق إفادتي، يوم السبت الموافق 7.5.2016، كنتُ أنام قيلولة الظهيرة، وكان اثنان من أولادي يمكثان في الساحة الخلفية للبيت، إذ أنّهما يعملان في منطقة بركان الصناعيّة ولا يعملان أيّام السبت، وكانا منشغليْن في تصليح سيّارة، وكانت زوجتي منشغلة بشؤون المنزل.
في السّاعة 15:30 بتقديري استيقظت على ضجيج أصوات وصراخ من الساحة. سمعتُ مجموعة الشبان تسبّ وتهدّد “بأننا سنحرق لكم البيت مثل بيت عائلة دوابشة”. توجّهتُ إلى الخارج، وكان قد حضر إلى الساحة أخي الكبير نعيم وزوجته وابناي وزوجتي. اتّصل أخي بالشرطة وتحدّث مع شرطيّ اسمه “أ”، وأعطاني الهاتف وشرحت لـ “أ” ما يجري. بعد نحو عشر دقائق حضر الشرطيّ “أ” في دورية شرطة وانصرفت مجموعة المستوطنين. اتّصل “أ” بي وقال إنّه موجود في مستوطنة رحاليم وهو يعالج المسألة، وطلب منّي تقديم شكوى.
في يوم الاثنين الموافق 9.5.2016، حضرتُ إلى مديريّة الارتباط الإسرائيليّة في حوّارة لتقديم شكوى، لكنّني رأيتُ طابورًا طويلًا جدًّا فيه نحو خمسين شخصًا، فتراجعتُ عن الأمر. ذهبتُ أيضًا إلى مديرية الارتباط الفلسطينيّة وهناك أعطوني رقم هاتف وطلبوا منّي الاتصال به في حال وقوع حادثة مشابهة.
لا شكّ لديّ بأنّ المشاركين في الحادثة كانوا مستوطنين، وذلك بناءً على هيئتهم الخارجيّة: ملابسهم وأغطية الرأس وما شابه. أحدهم طويل وأسمر ويرتدي بلوزة زرقاء؛ الآخرون يرتدون بلوزات بيضاء وبناطيل غامقة اللون؛ أحدهم أحمر الشعر وسمين؛ وآخر شعره فاتح؛ وغيرها. لم يكونوا ملثّمين إلّا أنّه لا يمكنني تمييز ملامحهم بسبب ضعف النظر الذي أعانيه.
في يوم الحادثة، وهو يوم السبت الموافق 7.5.2016، كنتُ في ساحة البيت برفقة ابنيّ اللذين كانا منشغلين في تصليح سيّارة. قرابة السّاعة 17:00 رأيتُ مجموعة مستوطنين –عددهم ستة- ينزلون من مستوطنة رحاليم. عند وصولهم إلى جوار ساحة بيتنا ترك اثنان منهم المجموعة وظلّ أربعة أشخاص. بدأ أحد الأربعة بإلقاء الحجارة باتّجاه البيت وبدأ الجميع بشتمنا وتهديدنا بترك البيت، وإذا لم نفعل ذلك فإنّهم سيُحرقونه مثلما أحرقوا بيت عائلة دوابشة في دوما.
اتّصلتُ بزوجة سلفي وطلبتُ منها الخروج من بيتها المجاور لبيتنا والحضور لتصوير الحادثة. ورغم تهديدات المُعتدين مطالبين بوقف التصوير، إلّا أنّ زوجة سلفي واصلت ذلك ولدينا شريط يوثّق ما حدث. كان ظوجي نائمًا في تلك الأثناء وقد استيقظ على الأصوات وجاء إلى الخارج، للساحة.
إذا طلبوا منّي فيمكنني التعرّف إلى أعضاء المجموعة من دون أيّ صعوبة. إنّهم يضايقوننا بشكل دائم منذ سنة.