
نملك أنا وأخي رحمه الله قطعة أرض مساحتها 210 دونمات. الأرض موجودة شرقيّ سالم، في منطقة تُعرف باسم “جبل كبير”، على بُعد قرابة 3 كيلومترات من مستوطنة ألون موريه، في الجهة الثانية للشارع الالتفافيّ (“شارع الأبرتهايد”) المؤدّي للمستوطنة. نحن نستصلح الأراضي ونزرع القمح، وقد زرعت منذ العام 1975 نحو 500 شجرة زيتون. وحتى الانتفاضة الثانية استصلحنا الأرض بمساعدة حصان وجرّافة زراعيّة، من دون أن يضايقنا المستوطنون.
منذ اندلاع الانتفاضة الثانية يمنعنا الجيش من الوصول إلى أراضينا الزراعيّة، عبر منعنا من قطع شارع الأبرتهايد. أمّا المستوطنون فإنّهم يهدّدوننا ويحرقون الأراضي الزراعيّة ويضربون. لذلك نحن لا نأتي إلى الأراضي إلّا في أوقات متباعدة، من أجل الحرث بين أشجار الزيتون. وقد توقفنا عن زرع القمح بسبب مخاوفنا.
في يوم 15.5.2005 خرج أربعة من أولادي لحرث الأرض بين أشجار الزيتون في أرضنا، بوساطة جرّافة وحصان. وقد نجحوا في الوصول إلى الأراضي وإتمام العمل. ومنذ ذلك اليوم لم نذهب إلى الموقع. وقد سمعنا عن ضرب المُسنّ “س” في أرضه في المنطقة ذاتها وعن حرق أشجار الزيتون، وخِفنا من الذهاب إلى قطعة الأرض.
في يوم السبت، 23 تموز 2015، الساعة 7 صباحًا، توجّهتُ إلى قطعة الأرض كي أطّلع على الوضع هناك ومع قريبي ع.أ. عند وصولنا رأيتُ أنّ نحو 200 شجرة زيتون قد قُطعت بالمنشار وبعض الأشجار الأخرى الأصغر عمرًا قد اُقتلعت.
اتّصلتُ إلى البيت لإخبارهم بما حصل وتوجّهتُ إلى نابلس. قدّمت شكوى لدى وزارة الزراعة الفلسطينيّة وبعدها بلّغت الارتباط الفلسطينيّ وقدّمت شكوى لديهم. وقد أخبرت صحفييْن يعيشان في قرية سالم ويكتبان لوكالات أخبار أجنبيّة بتفاصيل الحادثة. وفي الغداة نُشر عن الحادثة في الإعلام والإنترنت.
في ذات يوم السبت، التاسعة مساءً، اتّصل بي ضابط من مكتب الارتباط الإسرائيليّ في ﭼريزيم كي يستوضح ما إذا كانت الأشجار المقتلعة لي. اتفقنا على الالتقاء في اليوم التالي، 24 تموز، السّاعة 10 صباحًا، في نقطة معيّنة على الشارع الالتفافيّ.
وصلتُ إلى هناك مع صحفيّين ومُصوّرين وبعض الناشطين من حركة التضامن ISM الذين يعيشون في القرية. وحضر برفقة ضابط التنسيق والارتباط ضابط رفيع آخر يخدم في المنطقة. وقد أخذا إفادتي وسجّلوا الشكوى.
لم يُسمح إلّا لي ولأحد الصحفيّين بمرافقة الجنود الذين توجّهوا إلى المنطقة لرؤية وتقدير الأضرار التي وقعت. وقدّر ضابط الارتباط قلع 200 شجرة زيتون وأنا قلت له إنّ 250 شجرة اُقتلعت، وسألته عن سبب تقليصه للعدد.
عُدنا إلى الشّارع، وطلب منّي الضابط أن أنتظر بعثة عسكريّة أخرى كان من المفترض أن تصل من أجل التحقيق في الحادثة وتقدير عدد الشجرات التي اُقتلعت. عند وصول البعثة الثانية ومعها رجال الشرطة، أخذوا ابني ع.أ. معهم، وسافرنا بالجيݒ إلى قطعة الأرض.
وبرفقة الصحفيّين الذين كانوا معي ونشطاء ISM، سرنا بسرعة عبر طريق ترابيّة قصيرة ووصلنا إلى أرضي قبل وصول الشرطة. صوّرنا كلّ شيء ثانية، وألقى المرافقون النظر قبل وصول الشرطة برفقة ابني.
عُدنا إلى البيت الساعة التاسعة ليلًا. اتّصل بي رئيس الارتباط من حوّارة وسألني إذا كنتُ أرغب بالتعويضات أو الاكتفاء بتقديم شكوى. قلتُ له إنّني أريد حقوقي كاملة. فما فعلوه بي اليوم يمكن أن يفعلوه مع غيري، ولذلك أريد تقديم المجرمين إلى المحاكمة.
ولليوم لم يتوجّه إليّ أحد، رغم اقتلاع نصف الأشجار في كرم الزيتون، ومن وقتها لم أذهب إلى الأرض بسبب الخوف.
في ساعات الظهيرة من يوم الأحد، 24.07.05، كنت برفقة أشخاص آخرين على الشارع المؤدّي إلى مستوطنة ألون موريه. انتظرنا الجيش والشرطة الذين كان من المفترض أن يصلوا إلى المكان من أجل التحقيق في اقتلاع الأشجار في أراضي عائلتي.
عند وصول الشرطيّين طلبوا مني مرافقتهم إلى المكان بدلًا من أبي. كانوا ثلاثة شرطيّين لا أعرفهم، وقد رفضوا أن يأخذوا معهم أبي والأشخاص الآخرين الذين كانوا معنا.
سافرنا في سيّارة جيݒ حتى الدّرب المُفضي إلى كرم الزيتون. كان علينا من هذه النقطة السير على الأقدام. عندما قلت لهم إنّ المسافة حتى الموقع هي قرابة 300 متر تشاوروا فيما بينهم وقالوا إنّنا سننتظر في الموقع إلى حين قدوم الجيش. ويبدو أنّهم اتّصلوا بالجيش. انتظرنا في الموقع قرابة السّاعة، وبعدها جاءت سيّارة جيݒ عسكريّة تُقلّ أربعة جنود لا أعرفهم ولا أعرف رُتبهم. وقد وصل أبي إلى الموقع قبلنا إذ أنّه سلك طريقًا مختصرة. وعند وصولنا إلى الكرم بدؤوا بعدّ الأشجار واحدةً واحدةً، ولكن قبل أن ينتهوا من ذلك قالوا إنّهم على عجلة وعليهم المغادرة. وقد انتهوْا من عدّ 90 شجرة. لم يعدّوا إلّا الأشجار الكبيرة، ولم يحتسبوا الصغيرة.
تقع الأراضي التي أملكها بجوار أراضي ج.إ. نحن ندرج على الذهاب سويّة إلى أراضينا، كأمر وقائيّ، وخصوصًا منذ ضرب المُسنّ س.
في الساعة 6 صباحًا من يوم السبت، 23.06.05، جاء ج.إ. لاصطحابي من البيت في طريقنا إلى الأرض. وعند وصولنا إلى كرم ج.إ. اسودّت الدنيا بعينيّ: رأينا الكثير من أشجار الزيتون منشورة ومُقطّعة، والأشجار الصغيرة مقتلعة من الأرض. تجوّلنا في المنطقة كلّها وذهبنا إلى البيت. ومن هناك توجّه ج.إ. إلى نابلس.