
تقع خربة النبي الياس على شارع رقم 55، وهو الشريان المروريّ الرئيس من كفار سابا غربًا وحتى شارع 60 شرقًا. تقع معظم منازل القرية في الناحية الجنوبيّة من الشارع، بين تصطف على جانبيّ الشارع حوانيت، ومصالح تجاريّة وورش لإصلاح السيارات. يرتاد المكان العديد من الإسرائيليّين بهدف التسوّق وقضاء حاجيات أخرى. يقع المسجد في الناحية الجنوبيّة من القرية، على بُعد 100 متر تقريبًا جنوبيّ الشارع الرئيس.
أشغل منصب رئيس مجلس القرية، وأعتاش من عملي في مصنع الأنسجة الذي أملكه.
في يوم الأحد الموافق 12.2.2006، عندما وصلت إلى مكان عملي حوالي الساعة السابعة صباحًا، توجّه إليّ بعض أهالي القرية وأعلموني بنبأ وجود كتابات مسيئة على جدار المسجد.
المسجد قريب من مكان عملي. بدأت بالسير باتجاه المسجد، وقد تجمهر حوله بعض أهالي القرية. وقف بين الحشد شاب إسرائيليّ-يهوديّ وقرأ لهم ما كُتب على الجدار: “محمّد خنزير”، لأنّهم لا يجيدون العبريّة. حضر الشاب اليهوديّ إلى القرية لإصلاح سيارته. الميكانيكيّ العامل في الورشة يعرفه. اتّصلت بمسؤول الشؤون الدينيّة في السلطة الفلسطينيّة في قلقيلية، وبمديرية التنسيق والارتباط الفلسطينيّة في قلقيلية. أعلمتني هذه الأخيرة بأنّها ستتصل بمديرية التنسيق والارتباط الإسرائيليّة. اتصلتُ أيضًا بشبكة الجزيرة الإعلاميّة.
بعد حوالي ربع ساعة، حضر إلى المكان حوالي 25 جنديًّا وشرطيًّا، اعتذروا وعبّروا عن أسفهم قائلين إنّ من فعل ذلك هو حتمًا مضطرب نفسيًّا. أراد الجنود ورجال الشرطة محو الكتابات العنصريّة على الفور، ولكن أهالي القرية طالبوا بتركها كما هي، ليقوم الإعلام بتوثيق الواقعة. حضر تدريجيًّا أشخاص من مديرية التنسيق والارتباط الإسرائيليّة في كدوميم وآخرون من مديرية التنسيق والارتباط الفلسطينيّة في قلقيلية. تحدّثوا فيما بينهم. أعرب ضابط مديرية التنسيق والارتباط الإسرائيليّة عن أسفه الشديد باسم الكوادر العليا في المؤسّسة الإسرائيليّة ، قائلًا إنّه يُستحسن السماح للجيش بمحو الكتابات خشية تأجيج الوضع.
حضر إلى المكان مصوّر من الجزيرة وآخر من قناة المنار. الصور التي التقطت غير متوفّرة لدينا، ولكنها نشرت على مواقع الإنترنت وعبر وسائل الإعلام. أثناء التصوير، أخذت الشرطة شهادة ع”ع، حارس المسجد.
في الساعة 10:00، أتحنا للجنود المجال لمحو الكتابات، وخرجنا بعد الظهر في مسيرة احتجاجيّة ضد هذه الكتابات.
يبعد منزلي عن المسجد مسافة 50 مترًا. يقع المسجد على الطريق الرئيس. في الساعة 14:15 من كلّ صباح، أقوم بفتح باب المسجد، وأبدأ بتوضيب المكان استعدادًا لصلاة الفجر.
في يوم الأحد الموافق 12.2.2006، في تمام الساعة 04:15 خرجت من المنزل متّجهًا إلى المسجد كعادتي. رأيت سيارة إسرائيليّة خاصّة وبيضاء اللون، مركونة على الشارع الرئيس، على بعد 25 مترًا من مكان وقوفي.
بما أنّ مركز القرية كان مضاءً، أمكنني رؤية الشخص الواقف بجانب السيارة. كان واقفًا بجوار الباب، على الجانب الأيمن. كان ملثّمًا (بقطعة قماش سوداء)، وقد ارتدى معطفًا أسود اللون. طوله 1.75 سم تقريبًا، وبنيته متوسطة. تسمّرت في مكاني، خشيت أن أتحرّك. بدا لي أنّ الرجل رآني، لأنّه أسرع لفتح باب السيارة وجلس في المقعد المجاور لمقعد السائق. بدأت السيارة تتحرك ببطء نحو الحاجز المؤدّي إلى المخرج، مبتعدةً عن المسجد. عندما بدأت السيارة بالتحرّك، تابعت السير نحو المسجد. رأيت السيارة تسير نحو الغرب، باتجاه إسرائيل، ومن ثم توقّفتْ في منتصف الشارع، على بعد 30 مترًا من المسجد.
عندما وصلت إلى المسجد وأقدمت على فتح الباب، رأيت كتابات على الجدار. لم أعرف ماذا كُتب هناك، لأنّني لا أجيد العبرية. شعرت أنّ الكتابات لم تكن جيدة. كنت خائفًا. أسرعت إلى فتح باب المسجد ومن ثم أغلقته من الداخل. قمت بفتح النافذة المطلّة على الشارع، ومن هناك رأيت السيارة تتابع طريقها نحو الغرب. بقيت حبيسًا في الداخل حتى الساعة 04:40، إلى أن بدأ المصلّون بالتوافد إلى المكان. أخبرتهم بما حدث، ولم يكن أيّ منهم يجيد العبرية. بعد الصلاة، بقوا في المكان. في غضون ذلك، كانت القصة قد بدأت بالانتشار في القرية، وحضر إلى المسجد أشخاص آخرون. قرابة الساعة 07:00- أي عند خروج الناس للعمل، حضر إلى المكان شاب يهودي-إسرائيليّ الذي يقصد المكان لإصلاح سيارته في ورشة إصلاح السيارات في القرية. ترجم لنا الشاب ما كُتب على الجدار: “محمّد خنزير”. في تلك الساعة، حضر إلى المكان رئيس المجلس أيضًا.