

أنا مواطن إسرائيليّ وأحمل بطاقة هويّة زرقاء. أملك 48 دونمَ أرض شرقيّ قرية عناتا. أرضي موجودة على تلّة ارتفاعها نحو 300 متر شماليّ مستوطنة عناتوت- علمون. أنا أملك كلّ مستندات الملكيّة على الأرض: الكوشان ووثيقة الإرث ومستند نقل الملكيّة وتصديق من الإدارة المدنيّة.
مستوطنة عناتوت مُسيّجة، ومنذ 2004-2005 يتنقل السياج حول المستوطنة ويتمدّد صوب قرية عناتا، بحيث أنّ قطعة الأرض التابعة لنا شرقيّ عناتا قد “بُلعت” خلف السياج المتحرّك وهي موجودة الآن في ضمن المنطقة المسيّجة التابعة للمستوطنة. وقد عبّرتُ عن اعتراضي على هذا السياج منذ إقامته.
وحتى قبل عاميْن كانت قطعة الأرض مزروعة بالمحاصيل الموسميّة، وعندها قرّرت زراعة الأشجار فيها. ويبدو أنّ هذا الأمر لم يرُقْ للمستوطنين. فمن وقتها بدأت المشاكل بخصوص الوصول إلى الموقع وتخريب الأشجار، وقبل نحو خمسة شهور قاموا لأوّل مرة باقتلاع نحو 30 شجرة من أشجاري {قُدّمت شكوى بمساعدة ييش دين}.
{بدأ تسلسل الأحداث الحاليّ} في يوم 14.3.2011 السّاعة 9:00 صباحًا، حين اتصل بي “ج”، وهو ضابط في الإدارة المدنيّة أعرفه من إحدى لقاءاتنا السابقة المتعلّقة بالأرض. قال “ج” إنّه يؤسفه إبلاغي بأنّ “ت.ش.”، المُركّز الأمنيّ لمستوطنة عناتون- علمون، وأخبره بأنّ أشجارًا قُطعت في قطعة الأرض التي أملكها، وبأنّه توجّه إلى الموقع ورأى بعينيْه الأشجار المكسّرة والمقتلعة.
وأضاف الضابط “ج” أنّ سكّان المستوطنة عرضوا عليه أن يدفعوا لقاء الأضرار الحاصلة. وطلب منّي الحضور فورًا إلى الموقع من أجل التحدّث مع المستوطنين. وعلى حدّ علمي فإنّ القبول بدفع التعويضات يعني الاعتراف بالذنب.
وصلتُ إلى الموقع وكان “ت.ش.” بانتظاري. قال لي إنّه آسف فعلًا، وإنّه لم يقم بهذه الفعلة ولا شأن له بها، وإنّه هو من اتّصل بالإدارة المدنيّة وأبلغهم بوقوع الأضرار. وقال إنّه تلقّى اقتراحًا من سكّان المستوطنة بأن أتوجّه إلى المشتل في حزمة وأختار أشجارًا أخرى بدل تلك التي قُطعت. وقد بلغ عدد الأشجار المقطوعة 18 شجرة، منها شجرتا زيتون عمرهما سنتان-ثلاث سنوات والباقي أشجار زينة وأشجار مثمرة. توجّهنا إلى المشتل واشتريتُ أشجارًا بقيمة 850 ش.ج.، وهي ذات القيمة للأشجار التي اُقتلعت، ولكن من دون حساب الوقت الذي استثمرته في العمل ومصاريف مياه الريّ وتكلفة سيّارات الأجرة للوصول إلى الموقع. وقد أحضر مجلس المستوطنة عاملًا قام بغرس الأشجار التي اشتريناها. ورغم أنّ الأشجار غُرست إلّا أنّني احتفظتُ لنفسي بحقّ تقديم شكوى على الضرر، وفي اليوم ذاته توجّهتُ إلى الشرطة في معاليه أدوميم وقدّمت شكوًى.
بعد نحو عشرة أيّام على الحادثة واشتكى من أنّني كنب السبب في التحقيق معه لخمس ساعات في الشرطة. قال إنّهم حمّلوه كامل المسؤوليّة رغم أنّه غير ضالع في المسألة. أنا أتفهّمه على المستوى الشخصيّ، حقًا، لكن واجبه كمُركّز أمنيّ أن يمنع مثل هذه الأمور. وأنا أريد القول إنّ مُركّز الأمن يتعامل معي بنزاهة منذ قرار المستشار القضائيّ بخصوص ملكيّتي على قطعة الأرض وحقّي بالوصول إليها، إذا أنّه يعرف أنّني على حقّ.
في يوم 13.4.2011 اتجهنا زوجتي وأنا إلى الأرض. وكنّا ما زلنا في السيّارة أثناء اقترابنا من الأرض حين قالت زوجتي إنّها ترى أنّ قطعة الأرض بلا أشجار.
نزلنا إلى قطعة الأرض ورأينا أنّ نحو 14 شجرة قد قُطعت: 6 أشجار زينة و6 أشجار مثمرة وشجرتا زيتون. لقد آلمني الأمر جدًّا، واتّصلتُ على الفور بالإدارة المدنيّة وكان الخطّ مشغولًا، فاتّصلتُ بالمُركّز الأمنيّ وبالشرطة. وصل المُركّز الأمنيّ إلى الموقع بسيّارة حرس الحدود. استعرضوا الأضرار وطلبوا منّي تقديم شكوى. كان المُركّز الأمنيّ غاضبًا واتّصل بالإدارة المدنيّة. وبعد نحو خمس دقائق اتّصل بي الضابط “ج” من الإدارة المدنيّة وقال إنّه في الطريق إليّ. وقد وصل وبرفقته قائد المنطقة وثلاث سيّارات شرطة، إحداها سيّارة التحليل الجنائيّ. التقطوا صورًا للأشجار وطلبوا منّي تقديم شكوى لدى الشرطة. وأمر ضابط الإدارة المدنيّة والشرطة سكرتيرَ المستوطنة بالحضور إلى الموقع. عند وصوله أخذوه جانبًا وسمعتهم وهم يتحدّثون معه بفظاظة كبيرة. قبل يوم من هذه الحادثة كنتُ في الموقع وكان كلّ شيء على ما يُرام، ويبدو أنّ قطع الأشجار تمّ قبل وقت وجيز.
يهمّني القول إنّ هناك برجَ ماء يبعد عن أرضي نحو الشمال قرابة 10-20 مترًا وعليه كاميرات، يبدو أنّها تنقل ما يحدث في الموقع إلى نقطة مراقبة في المستوطنة. في الغداة قدّمت شكوى في محطة شرطة معاليه أدوميم.
في يوم الاثنين، 2.5.2011، السّاعة 09:30 حضرتُ إلى قطعة الأرض ووجدت أنّ 22 شجرة قد اُقتلعت: سبع شجرات زيتون، وسبع شجرات مثمرة (ليمون وخوخ وأسكدنيا)، وأشجار سرو صغيرة، وخلافًا للمرّات السّابقة التي اُقتلعت فيها أشجار من الأرض، فإنّ الأشجار اختفت هذه المرة. يمكن الافتراض أنّ أولئك الذين اقتلعوا الأشجار قد جاءوا بسيّارة حمّلوا الأشجار عليها. وظلّت في الموقع تسع شجرات صغيرة. عندما رأيت ما حدث اتّصلتُ بالشرطة وطلبت منهم القدوم لمعاينة ما حصل. قال الشرطيّ الذي تحدّث معي إنّ عليّ قبل كلّ شيء الحضور إلى الشرطة وتقديم شكوى. وإضافةً إلى ذلك اتّصلت بـ “ج”، ضابط الإدارة المدنيّة، وأخبرته بما حصل. طلب منّي عدّ الشجرات المقتلعة، ووجّهني إلى الشرطة لتقديم شكوى.
بعد الحديث مع “ج” حضر “ت.ش.” مُركّز الأمن في المستوطنة. قال لي إنّ إدارة المستوطنة تحدّثت معه وهم مستعدّون لتعويضي على الأشجار التي قُطعت. لم أقبل بالاقتراح بسبب الأعمال المشابهة التي وقعت في السابق. عبّر عن أسفه لما حدث، وقال إنّه لم يرَ شيئًا شاذًا أثناء الجولة التي أجراها يوم الجمعة، 29.4.2011. وقدّر أنّ الأشجار اُقتلعت يوم السبت.
عدتُ إلى البيت في اليوم ذاته، وفي يوم الثلاثاء 3.5.2011، وصلتُ إلى شرطة معاليه أدوميم لدى محققة اسمها “م.ز.” لتقديم شكوى. قالت لي المحققة إنّني سبق وقدّمتُ شكوى مشابهة في السابق ولذلك فإنّها ستُرفق هذه الشكوى بالملف القائم، ولن تفتح ملفًا جديدًا. لم أتلقَّ منها تصديقًا بذلك. قلت للمحققة إنّني أشكّ في أنّ عصابة من المستوطنة ضالعة في الحادثة، وبمعرفة “م.ي.”، مدير المستوطنة، و”ي.أ.”، أحد سكّانها. عندما غرست الأشجار عام 2010 حذّرني “م.ي.” من أنّه سيقتلع الأشجار، وقال “ي.أ.” لي في السابق: “لا تحلم بالعودة وزراعة الأرض”.
في يوم الأحد، 8.5.2011، السّاعة 13:00 وصلتُ إلى قطعة الأرض. كان يومًا حارًّا وكي أتفادى الشمس ربطتُ من فوقي شرشفًا، ما يشبه العريشة المؤقتة. وبعد وقت قصير مرّ بجانب الأرض مستوطنون وأخذوا يراقبونني. وقرابة السّاعة 15:00 حضر إلى الموقع ضابط يرتدي زيّ حرس الحدود اسمه “ش.أ.”، يعيش في مستوطنة عناتوت-علمون ومسؤول عن المنطقة. سألني الضابط إذا كنتُ أحمل تصريحًا ببناء العريشة. قلتُ له إنّني أفكّها دائمًا بعد مغادرتي. صوّر العريشة وترك المكان، وأنا صوّرتها وصوّرت المكان الخالي بعد تفكيكها عند مغادرتي.
في الغداة حلّت في إسرائيل أمسية يوم الذكرى ولم أذهب إلى الأرض. في 10/5، “يوم استقلال” إسرائيل، ذهبت إلى قطعة الأرض لشيّ اللحم. وجدتُ أنّ الأشجار التي ظلت في الأرض قد اُقتلعت؛ وأنّ أدوات العمل، الفأس والمطرقة والمجرفة قد سُرقت؛ وأنّ الشراشف التي استخدمتها لإقامة العريشة والطبليّات الخشبية قد رُميت؛ وأنّ صهاريج المياه التي كانت في الأرض وأنّ الحوض الذي استخدمته لسقي الحيوانات البريّة قد أُفرغت وألقي بها بعيدًا.
اتّصلتُ بالشرطة وطلبوا منّي القدوم وتقديم شكوى. في اليوم نفسه حضر إلى الموقع مستوطنون يقودون “الدَبّاب” (تراكتورون) وسألوني عمّا أفعله في الأرض. قلت لهم هذه أرضي، وفي ما بعد وضعت الحجارة على طريق الدخول إلى قطعة الأرض، وهذا وفقًا لتعليمات الشرطة التي طلبت مني تسييج الموقع لمنع الدخول إليها. وكما ذكرتُ، فإنّ الإدارة المدنيّة تعترف بملكيتي على الأرض.
في يوم الأربعاء، 11.5، حضرتُ إلى شرطة معاليه أدوميم لتقديم شكوى لدى المحققة “م.ز.” التي سبق وكنت عندها في أعقاب الحادثة السابقة في الأرض. قالت لي المحققة إنّها ستُرفق الإفادة الحاليّة بالشكوى السابقة، والتي ستلقى معالجة جديّة من الجيش والشرطة. وقالت إنه من المفروض عقد جلسة هامّة مع ممثلي مستوطنة عناتوت-علمون لطرح المسألة، ويبدو أيضًا أنّه ستُنصَب كاميرات في الموقع من أجل متابعة ما يحدث هناك.
قرار سلطات تطبيق القانون في نهاية التحقيق
بعد تصوير ملفّي التحقيق ومعاينتهما قدّم الطاقم القانونيّ في ييش دين استئنافًا على إغلاق الملفيْن. ومن ضمن ما جاء في الاستئناف أنّه لم يجر تسجيل إفادة المُركّز الأمنيّ “ج”، وإفادة أصحاب المناصب في المستوطنة الذين كانوا ضالعين في الأحداث أو بإمكانهم الإشارة نحو المشتبه بهم.
في يوم 15.5.2012 رفضت نيابة الدولة الاستئناف بقولها إنّ “المواد الموجودة {في ملفّ التحقيق} لا تحوي أيّ طرف خيط يسمح باستكمال الإجراءات في هذه المرحلة”.