
أسكن في مخماس، وأعتاش من الزراعة. قبل حوالي عشر سنوات، استأجرت قطعة أرض. صاحبة الأرض هي إحدى قريباتي. تبلغ مساحة الأرض نحو 30 دونمًا، وهي تقع على بعد كيلومتر ونصف شمال-غرب قرية مخماس، على الناحية الغربيّة من شارع 60. الأرض مزروعة بحوالي 400 شجرة زيتون. أعتني بالأرض يوم كلّ أيام السنة منذ عشر سنوات تقريبًا.
قبل ستّة أشهر تقريبًا، اقتحم مستوطنون الأرض المجاورة لقطعة الأرض وأقاموا هناك بؤرة استيطانيّة تحتوي بضعة مبانٍ مؤقّتة، وسُمِّيت ميـﭼرون بيت. منذ ذلك الحين، يمكث المستوطنون هناك طوال الوقت. عدد المستوطنين في البؤرة الاستيطانيّة غير ثابت، يكون هناك أحيانًا ستة أشخاص فقط، وفي أحيان أخرى 60 شخصًا.
منذ اقتحام المنطقة، يعاني الرُعاة الفلسطينيون من مضايقات طول الوقت. قبل سنة، قام مستوطنون بسدّ نفق كنّا نستخدمه للوصول إلى الأرض، ففتح سكّان القرية النفق، وعاودنا استخدام هذه الطريق.
في تاريخ 3.11.2008 في ساعات الصباح المُبْكِرة، خرجت عائلتي إلى قطف الزيتون في الأرض. خرجت زوجتي برفقة ثلاثة من أبنائي، ولكنني لم أذهب معهم، بقيت في القرية، كنت منشغلًا بأمور أخرى.
قرابة الساعة 14:30، سمعت من بعض أهالي القرية أنّ هناك مشاكل في أرضي بين عائلتي والمستوطنين. ذهبت إلى الأرض فورًا، برفقة حوالي عشرة أشخاص من القرية. عند وصولي، كانت هناك أربع سيارات جيݒ تابعة للجيش، والشرطة ومديرية الارتباط والتنسيق. كان هناك 20-30 شخصًا من قوّات الأمن الإسرائيليّة. سألت زوجتي وأبنائي عمّا حدث، وأخبروني بأنّ المستوطنين اعتدوا عليهم، ورشّوا غازًا مُسيلًا للدموع على وجه وعينيّ ابني “م.أ.”. رأيت أنّ الشرطة أوقفت مستوطنين بعد الواقعة، وبقي هناك حتى الساعة 16:00 بضعة جنود للحراسة ولمساعدتنا على إكمال قطف الزيتون.
قبل الواقعة بعشرة أيام، بدأنا بقطف الزيتون في قطعة الأرض. كان يوم 3.11.2008، عندما حدثت الواقعة، اليوم الأخير لقطف الزيتون، خرجت مع والدتي وشقيقيّ إلى الأرض في ساعات الصباح المبكرة. تقع قطعة الأرض التي عملنا فيها على مسافة 600 متر شرقيّ البؤرة الاستيطانيّة ميـﭼرون بيت.
كنّا منهمكين في قطف الزيتون عندما حضر من اتّجاه ميـﭼرون، قرابة الساعة 13:00، حوالي 30 مستوطنًا تتراوح أعمارهم بين 18 و 20 عامًا. كانوا جميعهم ملثّمين، ولم يكونوا مسلّحين. خاطبني أحد المستوطنين بالعربيّة قائلًا: “هذه أرض إسرائيل، انصرفوا من هنا”. قلت لهم إنّني لن أغادر المكان إلى أن تأتي الشرطة. اندلع بيننا سِجال كلاميّ، تحدّثوا بالعبريّة، ولكنه كان واضحًا بالنسبة لي أنّهم كانوا ينوون طردنا.
في مرحلة ما، أمسك بنا بعض المستوطنين بقوّة وحاولوا دفعنا خارج قطعة الأرض. اتّصلت بالمجلس المحليّ وأخبرتهم بما حدث. من ثمّ قام المستوطنون بإلقاء وبعثرة الزيتون خارج الأكياس، حاولنا حماية أكياس الزيتون.
حاول أحد المستوطنيْن، اللذين اُعتقلا فيما بعد، كسر إحدى الأشجار بيديه. حاول شقيقي “م.أ” منعه من إيذاء الشجرة، ومن ثم اقترب جميع المستوطنين وأحاطوا به. عندما أتينا لإنقاذ “م.أ.”، تقدّم المستوطنون نحونا. أصبحوا أكثر عدائية وأخذوا يرشقوننا بالحجارة.
كان لدى أحد المستوطنين غاز مسيل للدموع، ورشّ أخي “م.أ” في وجهه وعينيه. في تلك الأثناء، استمر المستوطنون برشقنا بالحجارة. أصابتنا الحجارة نحن الأربعة، ولكننا لم نُصبْ بكدمات جادّة.
استمرّت المواجهات لساعة ونصف السّاعة تقريبًا، وفقط عند اقتراب سيارة جيݒ عسكريّة، بدأ المستوطنون بالابتعاد عن المكان. أمسكنا بمستوطنيْن اثنيْن، كان أحدهما المستوطن الذي حاول كسر الشجرة، والثاني الذي ألقى الحجارة. أردنا تعطيلهما إلى أن تأتي الشرطة.
من ثمّ حضر رجلا أمن من البؤرة الاستيطانيّة ميـﭼرون، وعندما رأيناهما أخلينا سبيل المستوطنيْن، وعادا أدراجهما إلى ميـﭼرون. عندئذ حضرت سيارة حرس الحدود، رأت المستوطنيْن في طريقهما إلى ميـﭼرون وأوقفتهما.
رأى مُركّز الأمن في ميـﭼرون حَبّات الزيتون المبعثرة على الأرض، وطلب منا جمعها وإعادتها إلى الأكياس، أراد إخفاء الأدلّة قبل حضور الشرطة. قلت له إنّنا سنتتظر قدوم الشرطة لترى الوضع. من ثمّ حضرت إلى المكان سيّارتا جيݒ تابعتان للشرطة، سجّلوا إفاداتنا، أنا ووالدتي وشقيقي “م.أ.”، وطلبوا منّا الذهاب إلى الشرطة لتقديم شكوى.
بقي في المكان بضعة عناصر من حرس الحدود لتأميننا، وتابعنا القطف حتى الساعة 16:00. في السّاعة 16:30، ذهبنا إلى شرطة بنيامين وقدّمنا شكوى. هناك، رأينا المستوطنيْن موقوفيْن. كانا مُكبّليْن. في الساعة 18:00، عندما غادرنا المحطّة، كانا ما يزالان مُكبّليْن. أعطانا الشرطي في محطّة الشرطة استدعاءً لتتمة التحقيق، وطلب منا إحضار مستندات تثبت ملكيّة الأرض.
في يوم الأحد الموافق 9.11، ذهبنا جميعًا إلى الشرطة، مُزوَّدين بالمستندات، وهناك قالوا لنا إنّ المحقّق المسؤول عن الملّف غير موجود، وإنّه سيتصلّ بنا. لم يحدث شيء حتى الآن. صوّرت الشرطة مستندات الملكية قبل أن نغادر المكان.
في يوم الواقعة، الموافق 3.11.2008، في ساعات الصباح، لمحت العديد من المستوطنين في ميـﭼرون بيت، وعند شارع 60، في الأسفل. لم نُعرهُم اهتمامًا وتابعْنا العمل، لم أكن أظنّ بأنّ الأمور ستتفاقم.
قرابة الساعة 13:30 رأيت نحو 30 مستوطنًا قادمين من اتجاه ميـﭼرون بيت. عندما كانوا على مسافة 100 متر من مكان وجودنا، رأيت أنّهم كانوا يُغطّون وجوههم. عندما وصلوا إلينا، كانوا مُلثّمين. توجّه إلينا أحد المستوطنين وطلب منّا أن ننصرف. اتّصلنا بالشرطة وقلنا لهم إنّنا لن نذهب حتى تأتي الشرطة. بدأ المستوطنون بدفعنا، ومن ثم اتّجهوا إلى حيث أكياس الزيتون الذي قطفناه، وأفرغوا محتوياتها على الأرض. حاولنا منعهم.
من ثم حاول أحد المستوطنين كسر شجرة زيتون بيديْه، حاولتُ منعه، وعندئذ انقضّ عليّ نحو ثمانية مستوطنين وضربوني، حاولت الدفاع عن نفسي وضربهم، إلّا أنّ أحدهم رشّني بغاز مُسيل للدموع في وجهي وعينيّ.
في الأسفل، عند شارع 60، توقّفت سيّارة جيݒ عسكريّة كانت تجوب المكان، وعندما رآها المستوطنون، لاذوا بالفرار. أمسكنا بإثنين منهم حتى حضور الشرطة. صوّرني كلاهما بهواتفهما الخلويّة. بدا لي أنّ أحدهما اتّصل بأمن المستوطنة. كان عمّي في القرية، واتّصل ليسأل عمّا حدث، قلنا له إنّنا أمسكنا بمستوطنين اثنين، وطلب مني إخلاء سبيلهما فورًا وإلّا سنتورّط. أخلينا سبيلهما. في تلك الاثناء، وقف سائر المستوطنين على بعدِ 50 مترًا، وألقوا علينا الحجارة.
اقترب من المكان رجلا أمن مسلّحان. عندما رآهما المستوطنون يقتربان، أزالوا الأغطية عن وجوههم. حضر معهما أربعة آخرون غير مُسلّحين. كان الستّة أكبر سنًّا، تراوحت أعمارهم بين 30 و35 عامًا، وقفوا بيننا وبين المستوطنين، الذين توقّفوا عن إلقاء الحجارة. طلب منّا رجال الأمن جمع الزيتون المبعثر، ولكننا رفضنا.
أخذ معظم المستوطنين يعودون أدراجهم إلى ميـﭼرون، وبقي البعض الآخر في المكان. بعد حوالي عشر دقائق، حضر رجال الأمن من المستوطنة وعناصر أمنيّة من الجيش والشرطة، ومن ثم حضر أفراد مديرية الارتباط والتنسيق، تراوح عددهم بين 20-25 شخصًا. أوقفت الشرطة المستوطنيْن اللذْين شتمانا أمامهم. كان أحدهم ذاك الذي حاول كسر الشجرة.
حدث كلّ ذلك بين الساعة 13:30 و 15:00، بقي في المكان بضعة جنود لتأميننا، وتابعنا قطف الزيتون حتى الساعة 16:00. ذهبنا بعدئذ لتقديم شكوى لدى شرطة بنيامين. في المحطّة، رأيت المستوطنيْن مُكبّليْن. ساعدني شرطيّ على غسل وجهي بالماء، وبعد أن غسلت وجهي، لم أكن قادرًا على الرؤية لبعض الوقت. قال لي الشرطة إنّ ذلك يدلّ على رشّي بالغاز المسيل للدموع.
ذهبنا يوم الأحد إلى محطة الشرطة مزوّدين بمستندات إثبات الملكية، وقالوا لنا إنّ المسؤول عن الملّف لم يكن هناك، وإنّه سيتصلّ بنا.