

أنا من سكّان جبَع، شمال- شرق القدس، وأنا رئيس المجلس منذ 5 سنوات. نحن محاطون بالكثير من المستوطنات التي تؤثّر علينًا سلبًا من ناحية الوصول إلى الأراضي، ومن ناحية العنف الذي يمارسه المستوطنون أحيانًا ضدّنا.
تقع مستوطنة ﭼيڤَع بنيامين إلى الجهة الجنوبيّة- الشرقيّة. هذه أقرب مستوطنة إلينا وتقع على بعد أقلّ من 500 متر. وتقع شمال-شرق القرية المنطقة الصناعيّة التابعة للمستوطنين، شاعَر بنيامين، وإلى الجهة الشماليّة- الغربيّة مستوطنة كوخاڤ يعقوب. ومن الجهة الغربيّة ثكنة عسكريّة، وعلى الجهة الشرقيّة شارع التفافيّ رام الله، الذي يؤدّي إلى كلّ المستوطنات الشماليّة في الضفة الغربيّة وإلى مدينة نابلس.
في القرية ثلاثة مساجد، أكبرها يقع في مركز القرية ويُسمّى مسجد زيد بن حارث. المسجد مكوّن من طابقيْن، وله مدخلان، الأول في الواجهة والثاني في الخلف.
في يوم 19.6.2012، وقرابة السّاعة 1:40 قبل الفجر، كنتُ نائمًا في بيتي. اتّصل بي “أ.أ.” أحد سكّان القرية وقال لي إنّ المسجد يحترق. سألتُه عن أي مسجد يتحدّث وقال إنّه المسجد الكبير في مركز القرية. ارتديت ملابسي فورًا وخرجتُ باتّجاه المسجد، وكنتُ هناك في غضون خمس دقائق. وقد احتشد إلى جانب المسجد سكّان من القرية كانوا قد أطفأوا النار بواسطة رشّ المياه من أنبوب كان موجودًا بجانب المسجد. أنا لم أرَ النّار لأنّني وصلت بعد أن سيطر السكّان عليها، لكنيّ الدخان الكثيف كان يلفّ المسجد كلّه، ولم يكن بالإمكان تقريبًا رؤية ما يحدث في الدّاخل.
بعد نحو نصف ساعة كان بوسعنا رؤية القليل من الأضرار وحجمها، وعندها اكتشفتُ وجود كتابات بالّلغة العبريّة على جدران المسجد. أنا لا أتقن العبريّة لكن الجيران يقرأونها ونجحوا بقراءة الكتابات وقالوا إنّها كتابات عنصريّة يبدو أنّ المستوطنين رشّوها: “حرب الأولݒاناه” و”تدفيع الثمن”.
أنا أعتقد أنّ المستوطنين أحرقوا المسجد على خلفيّة الإخلاء الوشيك في بيت أيل. وقد دخلوا من باب المسجد الخلفيّ، وكان الباب مفتوحًا، وهناك كسروا أحد الشبابيك في الجانب الخلفيّ وسكبوا موادّ حارقة في داخل المسجد. كان الحريق في الجهة الخلفيّة بجانب الشّباك، واحترقت السجاجيد وأصبحت الجدران سوداء. وبأعجوبة لم يقضِ الحريق على المسجد بأكمله، وذلك لأنّ السكّان حضروا سريعًا بعد رؤيتهم للدخان وسيطروا على النار.
أوّل من رأوا الحريق هم الذين يسكنون بجانب المسجد، ولكن على حدّ علمي فإنّ أحدًا من سكّان القرية لم يرَ المستوطنين، ولم يروْا إلّا الدخان. أنا أقدّر أنّ المستوطنين ركنوا سيّارتهم على الشارع الالتفافيّ وقدموا إلى القرية سيرًا على الأقدام، وهي مسافة تستغرق 4 دقائق مشي، وقاموا بفعلتهم وأسرعوا بالهرب. أنا أعتقد أنّ الوقت حان كي تقوم سلطات إنفاذ القانون الإسرائيليّة بالاعتناء بمسألة هؤلاء المجرمين بيد من حديد، لأنّهم تجاوزوا كلّ الحدود. تبعد شرطة شاعر بنيامين نحو 300 متر عن القرية، وهم لا ينجحون في القبض على هؤلاء المجرمين. في السّاعة الرابعة صباحًا حضر أفراد من مديريّة الارتباط الإسرائيليّة مع الشرطة الإسرائيليّة، وسجّلوا شكوى قدّمتها، والتقطوا صورًا للأضرار وللكتابات على جدران المسجد.