
تملك عائلتي 10 دونمات من الأراضي الزراعيّة غربيّ قرية تِلّ على بُعد نحو 7 كيلومترات عن مركز القرية. وتقع قطعة الأرض على نحو 500 متر جنوبيّ شرقيّ بؤرة حـَﭭات ﭼلعاد الاستيطانيّة. وثمّة نحو 300 شجرة زيت مزروعة في الموقع، عمرها من 25-30 سنة. وبغية الدخول إلى هذا الموقع يجب علينا إجراء تنسيق مع الإدارة المدنيّة. ومنذ عام 2001 أصبح الوصول إلى قطعة الأرض إشكاليًّا؛ فالمستوطنون يُنكّلون بنا ويحاولون طردنا، وهم يضربون وأحيانًا يطلقون النار.
قبل عاميْن كنّا نملك 100 شجرة، وعندها قطع المستوطنون غالبيّة الشجر. لم أقدّم شكوى لدى الشرطة الإسرائيليّة من قبل. أنا أفضّل أن أدير شؤوني مقابل المجلس المحليّ. قبل اندلاع الانتفاضة كُنّا ننتج 40-50 تنكة زيت. كل تنكة تحوي 17 ليترًا وحصلنا مقابل كلّ تنكة على 150 دولارًا. اليوم ننجح في إنتاج 4 تنكات فقط. نحن مزارعون نعتاش على الأرض والضرر الاقتصاديّ الذي يُلحقه بنا عنف المستوطنين هائل وكبير. والآن، بعد الحريق الكبير لم تتبقّ لديّ أشجار. لقد أُحرِقت كلّ أشجاري.
في يوم الجمعة، 15.10.2010، خرجتُ من القرية الساعة 7:00 صباحًا متوجّهًا إلى أرضي. كانت هذه السنة مليئة بالمشاكل مع التنسيق. في البداية حصلنا على تصريح لثلاثة أيام، وبعدها قرّروا إجراء تغيير ونشأت وضعيّة من البلبلة لم نعرف خلالها ما إذا كنّا نملك تصريحًا لذلك اليوم أم لا. في يوم الجمعة المذكور توجّهتُ إلى أرضي من دون معرفة إذا كنتُ أملك تصريحًا أم لا.
يوم الأربعاء، قبلها بيوميْن، كنّا في الموقع عندما ظهر مستوطنان بسيارة تندر تويوتا. أنا أعرفهما، ولهما سوالف وذقون، نحيفان وأسمران. لا أعرف اسميهما لكن بوسعي التعرّف بهما. كان أحدهما مسلّحًا. كان يوم الأربعاء مُنسّقًا. بدأ المستوطنان بمضايقتنا وسبّنا وطلبا منّا مغادرة الموقع. لم يتدخّل الجنود الذين كانوا حاضرين. هدّدنا المستوطنان بأنّنا إذا لم نبتعد “فسترون ما سنفعله بكم”. بعد ذلك بعشر دقائق ظهر مستوطن مع كلب كبير وحرّضه علينا. نكّت المستوطن مع الجنود بالعبريّة التي لا أفهمها، وطردنا الجنود رغم أنّنا كنّا نملك تصريحًا ذلك اليوم.
وكما ذكرتُ، في يوم الجمعة، السابعة صباحًا، عُدنا إلى الأرض، ومغي أفراد عائلتي ومزارعون آخرون من القرية، من أجل قطف الزيتون. وقرابة الساعة التاسعة ظهرت سيارة تندر التويوتا نفسها التي كانت في الموقع قبل يوميْن وفيها مستوطنان. ونزل من البؤرة سيرًا على الأقدام أربعة مستوطنين آخرين وأربعة جنود. أنزلوا من التندر دواليب وبدأوا بإشعالها، أمام مرأى الجنود. لم يكتفِ الجنود بعدم منع المستوطنين من إشعال الدواليب بل منعونا من إطفاء الحريق. وبدأوا بمطاردتنا وإبعادنا عن المنطقة، وبالتالي منعنا من أيّ أمل بمحاولة السيطرة على الحريق.
استدعى أحد المزارعين خدمات المطافئ الفلسطينيّة، التي وصلت من بورين بسرعة كبيرة. منع الجنودُ رجال الإطفاء من إخماد النار. وقفنا كلّنا عاجزين ونحن نرى النار وهي تلتهم الأشجار. ويُقدّر المزارعين حرقَ 3,000-2,500 شجرة. وقد امتدّت النار على نحو 300 دونم. وقد وقف أفراد من حرس الحدود عند مدخل حـَﭭات ﭼلعاد ولم يُحرّكوا ساكنًا. لم أرَ شرطيّين ببدلات زرقاء في الموقع. وقد أرسلت مديريّة الارتباط سيّارة إلّا أنّ الراكبين فيها لم يخرجوا منها.
كان الحريق بالنسبة لنا فظيعًا، وأصبحنا بعده معدومين. لا يعرف الاحتلال حدودًا، يقتلون الناس والحيوانات والشجر. نحن نعاني كلّ سنة من مضايقات المستوطنين، لكن هذه السنة كانت الأصعب.
إضافة إلى كلّ ذلك، سرق المستوطنون حماريْن من اثنين من مزارعي القرية.
نملك أخي وأنا 15 دونمًا من الأراضي الزراعيّة والتي ورثناها عن أبي. كنّا نملك 200-250 شجرة زيتون عمرها يتعدّى 50 عامًا.
في يوم الجمعة، 15.10.2010، كنتُ في القرية. وفي ساعات الظهيرة وصلتني مكالمة هاتفيّة من أحد مزارعي القرية الذي قال لي إنّ هناك حريقًا كبيرًا في الموقع وإنّ الكثير من الأشجار قد احترقت. في هذه الأثناء اتّصل بي أيضًا “ك.ر.” وقال هو الآخر إنّ الجنود يمنعون إطفاء النار وإنّ رجال الإطفاء من بورين قد حضروا إلّا أنّهم عاجزون عن الوصول إلى الموقع.
توجّهنا، أخي وأنا، إلى الموقع على الأقدام، ووصلنا نحو الساعة 13:00. كان المشهد صعبًا. كان الدخان الكثيف يحجب المنطقة برُمّتها، والأشجار كلّها محروقة والأرض سوداء. وقف جنود وأفراد حرس الحدود بمعيّة المستوطنين ومنعوا وصولنا إلى الموقع. حاولت تجاوز الجنود والوصول إلى الموقع من جهة أخرى، وهذا ما فعله مزارعون آخرون وحاولنا سوية إطفاء النار. كان الحريق هائلًا ولم ننجح في إطفائه. واحترقت أشجاري كلّها.
قبل الانتفاضة كُنّا نستخرج 40 تنكة زيت في السنة. والسنة لا شجر عندي أقطفه، وحتى لو لم يتعرّض لنا المستوطنون ثانية، فأنا بحاجة لعشر سنوات كي أستطيع ترميم كرم الزيتون. الضرر الاقتصاديّ الذي لحق بنا هائل.
أنا من سكّان تِلّ. أملك أربعة دونمات من الأراضي الزراعيّة غربيّ قرية تِلّ، على بُعد قرابة 5 كيلومترات من مركز القرية، في الجهة الجنوبيّة- الغربيّة من حـَﭭات ﭼلعاد، ما يبعد نحو 500 متر عنها. وقد ورثتُ هذه الأرض عن أبي. في هذه المنطقة نحو 60 شجرة زيتون، عمرها نحو 50 عامًا. منذ اندلاع الانتفاضة عام 2001 مُنع دخولنا إلى الأرض من دون تنسيق مع الجيش ومع الإدارة المدنيّة. وفي العموم يسمحون لنا بدخولها مرةً واحدةً في السّنة، في موسم القطف، ليوم أو يوميْن.
عانت قطعة الأرض الكثير من عنف المستوطنين. فقد قطعوا الكثير من أشجاري في السنوات الأخيرة، ولا أعرف عددها بالضبط، إلى جانب إحراق العديد من الأشجار. وبما أنّني أسكن في دول الخليج معظم الوقت، فإنّ جاري وقريبي هو الذي يعتني بأرضي. أنا لا أحضر لزيارة أبنائي القاطنين هنا إلّا لعدّة أشهر كلّ سنة.
في يوم الحريق، 15.10.10، كنت ما أزال هنا، إلّا أنّ أبنائي الذين يسكنون في القرية، وردهم خبر الحريق في أرضنا من مزارع في القرية. وقد أُحرقت الأشجار الستين الموجودة في أرضي جميعها.
في يوم 26.10.10، السّاعة 11، حضرتُ إلى مديريّة الارتباط في حوّارة بمرافقة ييش دين من أجل تقديم شكوى. وأريد أن أقول إنّ الأمر استمرّ لثلاث ساعات، وحين كنتُ في مديريّة الارتباط عاملني الشرطيّ معاملة مُهينة. استمرّ تقديم الشكوى نحو نصف ساعة، إلّا أنّني كنتُ مرغمًا على الانتظار لساعتين ونصف من أجل الحصول على تصريح بتقديم شكوى.
أنا أعيش في قرية فَرْعَتا، ولي 14 دونمًا تحوي 150 شجرة زيتون، بجانب حـَﭭات ﭼلعاد، شرقيّ قريتنا. ويراوح عمر الأشجار القريبة من حـَﭭات ﭼلعاد أكثر من 45 عامًا، زُرعت قبل أن أولَد.
في يوم 15.10.2010، وقرابة السّاعة 11:00، اتّصل بي شاب من فرْعَتا وقال لي إنّه يرى حريقًا في أرضنا. توجّهنا أنا و”أ.ص.” من أجل إطفاء الحريق. رأينا نارًا مشتعلة ومستوطنًا يقوم بإشعال أغصان الأشجار. لم أرَ كيف يقوم بإشعالها، ولكنّه كان ينتقل من شجرة إلى أخرى وكان الدخان يبدأ بالتصاعد من الأشجار. وكان في الموقع أيضًا جنود ببنادق، ولكنّهم لم يحاولوا الإمساك بهم. استدعى أحدهم المطافئ من عزون، ولكن حين وصلت سيّارة الإطفاء لم تسمح لها الشرطة والجيش بالدخول إلى الموقع. وفي هذه الأثناء كانت كلّ المنطقة تشتعل. ولم يسمحوا لسيّارة الإطفاء بالدّخول إلّا بعد ساعة، ولكن ساعتها كان الوقت قد فات، ولك يكن بوسعها أيضًا السير في السفح. وقفنا حول الموقع ورأينا كرمنا يحترق، ولكنّهم لم يسمحوا لنا بالدّخول. كانت غالبية الأراضي بملكيّة أهل قرية التِلّ، قرابة 100 دونم.

في يوم الجمعة، 15.10.2010 السّاعة 10 صباحًا، اتصل بي “ش.ط.” من سكان فرعتا الذي كان يعمل في قطف الزيتون في مكان بعيد عن حـَﭭات ﭼلعاد. وقد أعلمني بوجود دخان صاعد من صوب أرضي، وهي المنطقة التي سُرق منها الزيتون كلّه في 10 تشرين الأول. سرت برفقة “ش.ط.” و”ع.س.” من فرعتا. تصاعد الدخان عاليًا، وكان ذلك النهار حارًّا جدًا وتوزع النار في أماكن كثيرة حول التِلّ وفرعتا.
وصلنا إلى منطقة الحريق ورأينا مستوطنًا وأربعة جنود كأنّهم يطاردونه. كان بالإمكان الإمساك به إلّا أنّهم لم يفعلوا، وواصل المستوطنة إشعال النار، بقدّاحة على ما أظنّ. وبسبب الحرّ الشديد وحقيقة أنّنا لم نحرث المنطقة، كانت هناك أعشاب يابسة كثيرة وكلّها تحترق بسرعة.
اتّصلتُ بالشرطة ومديريّة الارتباط ومطافئ عزون. وصلت سيّارة الإطفاء قرابة الساعة الحادية عشرة والنصف. لم يسمحوا لها بالاقتراب من النار قرابة السّاعة حتى الثانية عشرة والنصف، وعندها وصلت عناصر من الشرطة والإدارة المدنيّة. كان المستوطن طيلة ذلك الوقت يروح ويجيء ويواصل إشعال النار، ونحن جلسنا على الأرض ولم يسمحوا لنا بالاقتراب ومحاولة إطفاء النار يدويًّا. قال “ع.س.” لأحد الجنود: أمسك بالمستوطن كي لا يضرم النار في أشجار أخرى، وأجابه الجنديّ: “اخرس أو سأطردك من هنا”.
عندما اقترب رجال الإطفاء أخيرًا كان الوقت قد فات، والنار قد أتت على ما مجموعه نحو 1,500 شجرة زيتون. وحضر أيضًا نحو 50 مستوطنًا وكان الجيش كأنّه يحرسهم.