
يبدو لي أنني لن أنجح في النوم الليلة. أنا وُلدت وترعرعت طيلة حياتي في قرية سلواد في الضفة الغربيّة. كان والدي يملك أراضيَ زراعيّة وقد زرعها واستصلحها لسنوات طويلة بكدّه وتعبه. في بعض القطع كانت أشجار مثمرة، وبعضها أشجار تين وكروم الزيتون ومزروعات أخرى. عندما كنتُ صغيرة كان والدي يُركبني على حمار للوصول إلى قطع اﻷرض. بعد وفاته ورثنا اﻷرض أنا وأخوتي. وعلى هذه اﻷراضي أنشأ مستوطنون إسرائيليّون عام 1996 بؤرة استيطانيّة يسمونها “عَموناه”.
إنّ إخلاء المقتحمين من أرضي هو يوم مثير جدًا لي. فقد انتظرت هذه اللحظة لسنوات طويلة وكنت على أيمان دائمًا بأنّه سيحلّ في نهاية المطاف. هذا كلّ ما تمنّيته وما زال جلّ أمنياتي أن أعود إلى أرضي بأمن وسلام، من دون مشاكل مع أحد ووفقًا للقانون.
كيف يمكن للمستوطنين أن يأتوا ويأخذوا أرضي وأن يقولوا لي إنّه إرادة الله؟ هذه مصادرة للأراضي. لقد أخذوا أرضي خلافًا لرغبتي. أنا سعيدة بأنّ هذا انتهى أخيرًا. كانت المعركة التي خُضناها لاستعادة اﻷراضي متواصلة ومنهكة، ونجحنا فيها بفضل صبرنا وصمودنا، وأيماننا بعدل قضيتنا ومساعدة مَن وقفوا إلى جانبنا ودعمونا في هذه الطريق الطويلة وطيلة هذه السنوات.
يصعب عليّ التعبير عن أحاسيسي بالكلمات. أنا أرغب بالخروج من البيت وتوزيع الحلويات على كلّ أهل القرية من شدّة الفرح، لأنّني على وشك أن أعود إلى أرضي وأن أزرعها ثانية، وأريد أن أشرك عائلتي وجيراني بهذه اللحظة الخاصّة. هذا يثير انفعالي للغاية، وأنا راضية جدًا وأشعر بأنّني أحلّق من شدّة الفرح.
لم أكن في أرضي منذ 20 عامًا، ولكنّني أذكر جيدًا الأيّام التي سبقت حضور المستوطنين. كنّا نظلّ في الأرض ونعمل فيها حتى المساء. وباستثناء اﻷشجار المثمرة كنا نزرع البندورة والخيار والفقوس والبامية. كانت اﻷرض خصبة جدًا ومنحتنا محصولًا غنيًّا ووفيرًا. وحقيقة أنّ أرضي عادت إليّ تعيدني إلى طفولتي ولذكريات العائلة والحب والفرح. إنه شعور خاصّ أتمنّاه لكلّ من خسر أرضًا أو أيّ شيء آخر. بعد سنوات طويلة تعود إليّ مشاعر الثقة واﻷمن بالحياة.
بعد سنوات من الترقّب والصبر لم يعد بوسعي الانتظار لحظة وحدة من أجل العودة إلى زرع أرضي كما كنت أفعل سابقًا. لقد جهّزت الحنطة والعدس لزرعها، ومعها حتى كل أدوات العمل التي حافظت عليها طيلة السنوات الطويلة.
قرار سلطات تطبيق القانون في نهاية التحقيق
وحتى تموز 2019 ما تزال المنطقة التي أقيمت عليها البؤرة الاستيطانيّة معرّفة على أنّها “منطقة عسكريّة مغلقة”، وما تزال إسرائيل تواصل منع أصحاب اﻷراضي الفلسطينيّين من الوصول إلى أراضيهم.