

أنا أملك قطعة أرض مساحتها 25 دونمًا في أراضي قرية فَرْعَتا. قطعتي تقع على بعد 200-300 متر جنوب غرب بؤرة حَڤات چلعاد. في القطعة نحو 170 شجرة زيتون، وقد مُنعنا في السنوات الأخيرة من الوصول إلى أراضينا لقطف الزيتون، من دون تنسيق مسبق مع مكتب التنسيق والارتباط، الذي يهتم بتوفير مرافقة عسكريّة للقاطفين، بسبب الخوف من المستوطنين.
في شهر تشرين الثاني 2004 نسّقنا أنا وأصحاب الأراضي الآخرين مع مكتب الارتباط الإسرائيليّ في كدوميم مسألة وصولنا إلى الأرض. إلى جانب ذلك نسّقنا الأمر مع الراڤ أريك أشِرمَن من “حاخامات لحقوق الإنسان”، كي يهتمّ بحضور مجموعة إسرائيليّين معنا لحمايتنا من المستوطنين.
في السّاعة الثامنة صباحًا من يوم 8.11.2004، كنا في المنطقة قرابة 50 فلسطينيًّا من القرية بصحبة عدد من الإسرائيليّين وسيّارتي جيݒ عسكريّتيْن وسيّارتي شرطة وجيݒ تابع للارتباط.
بدأنا بقطف الأشجار في أرضنا. بعد نحو نصف ساعة حضر إلى المكان أربعة مستوطنين من بينهم أ.ز. (عرفت اسمه لاحقًا بعد أن سمعتهم ينادون عليه). أمرنا المستوطنون بالانصراف بادّعاء أنّ الأرض لهم. توجّهنا إلى الجنود في الموقع طلبًا للحماية لأنّنا نحمل كوشانًا بالأرض: هذه أرضنا وهذه أشجارنا.
تعامل الجنود مع الحادثة على أنها “نزاع على الأراض”، ويجب استيضاح ملابساتها في شرطة كدوميم. أي أنّ علينا نحن الفلسطينيّين أن نثبت ملكيّتنا على الأرض. وفي هذه الأثناء أمرونا بالتوقف عن العمل في الأرض.
وبرفقة مالك أرض آخر سافرت بسيّارة أريك أشرمَن إلى شرطة كدوميم، فيما ظلّ الباقون في الأرض. في السّاعة 9:00 وصلنا إلى شرطة كدوميم وعرضنا عليهم الكوشانات التي معنا. بعد دقائق معدودة على وصولنا حضر المستوطن أ.ز. إلى المحطة. وأنا أعتقد أنّه لم يكن يملك أوراق ملكيّة على الأرض…
وحتى السّاعة 15:00 انشغلت الشرطة في استيضاح ملابسات “النزاع على الأراضي”، فيما كنّا ننتظر في المحطة والباقون ينتظرون في الأرض من دون عمل. في السّاعة الثالثة وصل فاكس من مكتب الارتباط في بيت أيل مُصدّقًا على ملكيّتنا على الأراضي، وعندها حصلنا على إذن بمواصلة قطف الزيتون.
أخبرْنا الناس في الأرض فورًا. عدتُ أنا وأريك وواصلنا العمل قرابة الساعة والنص. في السّاعة 16:30 عدنا إلى البيت مع الزيتون الذي استطعنا قطفه، وغادر معنا أيضًا باقي الأشخاص الذين كانوا هناك.
في يوم الغداة، 9.11.2004، حضر إلى القرية أعضاء من حركة تعايش وإسرائيليّون آخرون. عند مفترق القرية التقينا بالجيش والشرطة ووصلنا جميعنا إلى الأرض الساعة 7:00، فوجدنا أشجار زيتون محروقة وأشجارًا قُطعت أغصانها وأخرى قُطعت جذوعها.
أكثر من 100 شجرة أصيبت بمستويات مختلفة في أرضي أنا فقط، فيما سُرقت غالبية الأشجار التي لم نتسطع قطفها في اليوم السابق. وكانت على الأرض قطع حديدية وعصيّ مبعثرة. رأينا آثار عجلات تراكتور وسيّارات جيݒ. وعثرنا أيضًا على بطاقة هوية تعود إلى مستوطن من حومِش.
كان الدّمار كبيرًا، وكانت كمية الزيتون المنهوبة ضخمة. لا يمكنني أن أقدّر حجم الخسائر بالضبط، ولم يلحق الأذى بأرضي فقط بل سُرقت كميات كبيرة من الزيتون لدى جيراني. وبتقديري فإنّ القيام بكلّ هذا في غضون ليلة واحدة يستوجب عددًا كبيرًا من الأشخاص.
استدعت الشرطة محققين من شرطة أريئيل الذين صوّروا الأضرار في الموقع، وأخذني الشرطيّون إلى شرطة كدوميم حيث قدّمت شكوى هناك.
بعد يوميْن كنّا نعمل في الأرض برفقة الجيش والشرطة، ورأينا مستوطنًا يسرق الزيتون في قطعة أرض مجاورة. أخبرنا الشرطيين وأمسكوا به وأخذوه إلى محطة الشرطة مع الزيتون الذي سرقه.
في يوم 25.11.04 أخبرتنا الشرطة أنّنا ممنوعون من الوصول إلى الموقع لأنّهم لا يستطيعون مرافقتنا. في ذلك اليوم اتصل بي ناشط سلاميّ وقال لي إنّه مرّ في منطقتنا ورأى المستوطنين يسرقون الزيتون من الأراضي. اتصلنا أنا والناشط السلاميّ بشرطة كدوميم لإعلامهم بذلك، وبعدها حضرتُ إلى محطة الشرطة. وبدورهما أخبرت شرطة كدوميم ومكتب الارتباط هناك شرطة أريئيل بما حصل، وقامت بدورها بإرسال الشرطيين إلى الموقع. أمسك الشرطيّون بمستوطنيْن كانا يسرقان الزيتون وأحضروهما مع الزيتون المسروق إلى محطّة الشرطة.
قرار سلطات تطبيق القانون في نهاية التحقيق
في يوم 12.6.2007، وبعد مرور أكثر من سنتيْن ونصف السّنة على الحادثة، رفضت نيابة الدولة الاستئناف بتسويغ وجود حجج غياب لدى المشتبَهين (التي لم تفحصها الشرطة). وقد اقترحت النيابة على ضحية الاعتداء “استنفاد ادعاءاته ضدّ المشتكى عليهم في إطار إجراء مقاضاة مدنيّ”.