
عمري 23 عامًا، وأدرس في جامعة الخليل تعليم اللغة الإنجليزيّة وأتقن الإنجليزيّة وبعض العبريّة. الشيخ سليمان الهدالين هو عمّي.
شُيّدت أم الخير في سنوات الستين، قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربيّة، وأسّسها بدو طردتهم إسرائيل عام 1948 من منطقة تل عراد. ومنذ احتلال الضفة عام 1967 ولليوم تُهمل السلطات الإسرائيليّة أم الخير التي تقع في منطقة C.
يصل تعدادنا نحو 160 شخصًا من عشيرة الهدالين يعيشون هنا ويرعون مواشيهم ويزرعون الأرض.
في عام 1980 بدأ بناء مستوطنة كرمِل بلصق أم الخير على أراضي العائلة، ومن وقتها ولليوم تتوسّع المستوطنة على حساب أراضينا، وثمة تنكيلات وعنف متواصلة من طرف المستوطنة تجاه العائلة.
في يوم السبت الموافق 29.7.17 كُنّا نصلّي هنا صلاة العِشاء، حين سمعنا صوت إلقاء الحجارة علينا. استطاع ابن عمّي رؤية مستوطن من كرمِل وهو يهرب. اتّصلت بمديرية الارتباط والتنسيق الفلسطينيّة، وبالمديريّة الإسرائيليّة وللشرطة ولمجموعة متطوّعين إيطاليّين يعيشون بجوار قرية التواني.
حضر إلى المكان ضابط شرطة وبرفقته ضابط آخر وجنديّ. وبعد الاستيضاح وعدوا بإجراء جولة في المستوطنة وأوصونا بتقديم شكوى. بعدها حضر إلى المكان خمسة متطوّعين من التواني وجلسنا وتحدّثنا معهم في الخيمة، عندما سمعنا ثانيةً صوت حجارة، ورأيتُ مستوطنًا يلقيها من مستوطنة كرمل، وهو شاب طويل وكبير ويرتدي بلوزة بيضاء وبنطالًا غامق اللون.
اتّصلت بمديرتيّ الارتباط ثانية وبالشرطة. وبعد نحو عشر دقائق حضرت سيّارتان وفيهما جنود. بعضهم دخلوا المستوطنة وبعضهم حضروا إلينا. حقق الجنود معي وتجوّلوا في الخيمة ومن ثمّ عادوا إلى السيارتيْن وغادروا. في منتصف الليل غادر المتطوّعون من قرية التواني هم أيضًا وجلسنا نحن في الخارج. وعندها رأيت مستوطنًا يُلقي الحجارة علينا ثانية، وخرجنا إليه وصرخنا عليه، فاختفى. كانت بقية الليلة هادئة. وأنا معنيّ بتقديم شكوى لدى الشرطة بخصوص هذه الحادثة.
(تتمة الإفادة بعد شهر)
ما وصفته في الإفادة الأولى تواصل بشكل متواصل كلّ ليلة تقريبًا من السّاعة 22:30 وحتى الرابعة فجرًا. لا أعرف عدد الأشخاص الذين يُلقون الحجارة لأنّنا لا نراهم في الظلمة، والأمر يجري من وراء عريشة المجلس المجاورة لجدار المستوطنة، ومن خلفها بيوت. يجري إلقاء خمسة-عشرة أحجار على العريشة والمباني المجاورة لها. وفي أثناء إلقاء الحجارة لا نرى أيّ أحد من رجال الأمن، ولا حتى مُركّز الأمن الجاري في المستوطنة، وتكون الإضاءة في البيوت مُطفأة.
في كلّ مرة يُلقون الحجارة نتّصل بالشرطة ويقولون لنا إنّ علينا تقديم شكوى، فنردّ بأننا سبق وقدّمنا شكاوى. وعندها يقولون إنّه سيُرسلون أحدًا، ولكنّ هذا لا يحدث أبدًا. تحدّثنا مع مديريّة الارتباط الفلسطينيّة وطلبنا منهم أن يرسلوا الجيش، ولكن الجيش لم يحضر أيضًا. ليلة أمس الأول اتّصلنا بالشرطة وأغلقوا خط الهاتف.

بدأت أحداث إلقاء الحجارة الأخيرة من المستوطنة علينا يوم 1.7.17، وهي تتواصل على فترات، وأحيانًا لثلاثِ ليالٍ متواصلة. ومنذ نهاية آب يجري إلقاء الحجارة كلّ ليلة. لا يمكننا النوم. والأمر يبدأ قرابة السّاعة 22:30 ويتواصل حتى الفجر. نحن نتّصل بالشرطة وعندما يأتون يُهدّدوننا: اسكتوا ولا تتحدّثوا، وإذا حكيتم فسنضربكم. إنّهم لا يفعلون شيئًا، ولا يريدون أن يسمعوا، ويُهدّدون باعتقالنا، وقد دفعوني أنا من قبل.
في الشهريْن الأخيريْن، ومنذ بداية الأحداث، حضرت الشرطة ثلاث مرات، لا أذكر متى بالضبط. وعندما تحضر الشرطة يتوقف المستوطنون عن إلقاء الحجارة، وبعد مغادرتها يواصلون إلقاء الحجارة. وعندما نتّصل بالشرطة ثانية فإنّهم لا يردّون على اتصالنا.
أنا أشعر بوجود “اتفاقية” بين الشرطة وبين مجلس مستوطنات جبل الخليل وبين المستوطنين بمضايقتنا، وبتحويل حياتنا إلى حياة لا تُطاق.
أنا لم أرَ مَن يُلقي الحجارة، وهم يصيبون العريشة التابعة لمجلس القرية، والأكواخ والصفيح، وهذا يُسبّب ضجّة كبيرة ولذلك نظلّ مستيقظين. وقد اشتدّ الأمر جدًّا في الليالي الأخيرة. الناس خائفون، والظروف صعبة جدًّا على النساء والأطفال. نحن لا نريد المشاكل، لكنّهم يستفزّوننا ويريدون منّا أن نردّ عليهم كي يتّهمونا. نحن نحاول رؤيتهم ونستعين بلامبة وكاميرا.
قُطر الحجارة عدّة سنتيمترات ووزنها نحو نصف كيلوغرام.
في يوم 31.8 ذهبتُ لتقديم شكوى لدى شرطة الخليل السّاعة 08:00. عندما ضغطتُ على الزرّ الخارجيّ وقلتُ إنّني أريد تقديم شكوى بخصوص الأحداث في أم الخير، قيل لي: اِذهب من هنا يا كلب. بعدها طلبوا من الجلوس حيث ينتظر الجميع. ولم أدخل إلّا عند السّاعة 13:30. كنتُ أنتظر هناك طيلة الوقت فلم أذهب إلى المرحاض ولم آكل ولم أُصلِّ. استجوبني المحقق طيلة ساعتيْن. لكن وبدلًا من تدوين الشكوى التي أريد تقديمها، كان يحقق معي: أين أسكن، وماذا أفعل، وهل ألقي الحجارة.
كلّ المحققين يعرفونني، ولا يسمحون لي بتقديم شكوى. وعندما نتّصل بالشرطة ويسمعون اسمي أم اسم أم الخير يغلقون الخط. هذا لا ينحصر في التعامل مع شخص واحد، بل هو نهج.
(تتمّة الإفادة بعد أسبوعين…)
في كلّ ليلة يُلقون الحجارة على سطوح القرية من صوب مستوطنة كرمل. وقد اشتدّ الوضع في الأسبوعيْن الأخيريْن. وبالأمس أيضًا، في ليلة 20.9.2017 جرى إلقاء الحجارة. في الساعة 11 ليلًا، وفي الساعة 12 ليلًا، وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل. وقد أصابوا سقف بيت أختي، وهي امرأة مُسنّة.
في كلّ مرّة يُلقون الحجارة نتّصل بالشرطة. وإذا أتوْا فإنّهم لا يفعلون شيئًا. أمس قالوا إنّهم سيحضرون لكنّهم لم يفعلوا.
إلقاء الحجارة أمر مُدبّر ومُنظّم. نحن لا نتحدّث عن ولد واحد، بل يُلقون الحجارة من عدّة أمكنة، وفي مختلف الساعات، ومع استراحات بين الحجر والثاني. إنّهم يختبئون بين بيوت المستوطنة، كي لا نراهم. وهم ينتظرون منّا أن نردّ، وعندها يهجمون علينا.
عندما أتوّجه إلى الشرطة في كريات أربع يُجبرونني على الانتظار لساعات في الخارج قد تصل إلى خمس ساعات. إنّهم يعرفونني ومع ذلك يسألونني لساعة كاملة أسئلة عبثيّة. تعبتُ من الذهاب إلى الشرطة. الأمر لا يُساعد وهو مُكلِف وباهظ. مُركّز أمن مستوطنة كرمل يعرف مَن يلقي الحجارة، ولو كانوا راغبين في الإمساك بهم لفعلوا.
وحتى اليوم، ولحسن الحظّ، لم يُصب أحد إصابة جسديّة.