
أنا من سكّان قرية فَرْعَتا. يعمل زوجي منذ 30 عامًا في إسرائيل، ويحمل تصريح دخول وتصريح عمل وهو يعمل لدى أشخاص مختلفين في الترميمات كعامل مستقلّ.
نحن نملك قطعتي أرض في الجهة الشرقيّة من القرية. وقد ورث زوجي هاتين القطعتيْن عن أبيه. تقع القطعتان في الجهة الغربيّة لبؤرة حَڤات ﭼلعاد الاستيطانيّة. تبلغ مساحة إحداهما 30 دونمًا، واسم القطعة السّطح وفيها أكثر من مئتي شجرة زيتون يزيد عمرها عن 60 عامًا. القطعة الثانية موجودة في الوادي ومساحتها نحو 45 دونمًا وفيها نحو 250 شجرة زيتون. زرعنا أنا وزوجي الأشجار في هذه القطعة قبل 30 سنة. القطعتان قريبتان من حَڤات ﭼلعاد وثمة حاجة لتنسيق {مع الجيش} للوصول إليهما. قبل إقامة بؤرة حَڤات ﭼلعاد {عام 2002} كُنّا نصل إلى أرضنا بشكل حرّ ونعتني بالأشجار، وكنا أحيانًا نأتي إليها أكثر من مرّة في اليوم. عندها كنّا ننجح في إنتاج نحو 320 ليتر زيت في السنة، من قطعة الأرض ذات الثلاثين دونمًا. وقد زرعنا الحنطة والبصل أيضًا بين الأشجار. ومنذ إقامة البؤرة الاستيطانيّة بدأ المستوطنون بتخريب الأشجار. في السنة الأولى اقتلعوا 80 شجرة. وفي المرة الثانية أحرقوا أشجارًا. ومن وقتها وهم يسرقون الزيتون عن الشجر. تقوم الإدارة المدنيّة في السنوات الأخيرة بمنحنا تصريحًا لثلاثة أو أربعة أيام عمل في قطعتي الأرض سنويًا. الحراثة في يوم واحد وقطف الزيتون في ثلاثة أيّام. لكنّ هذا غير كافٍ. قبل سنتيْن، وأثناء قطف الزيتون وبعد التنسيق، حضر مستوطنون واعتدوْا علينا ونحن نعمل. أصيب ابني “ب” في رأسه جراء إلقاء حجر عليه، ومكث في المستشفى لثلاثة أيّام. جاري من قطعة الأرض المجاورة أصيب هو الآخر ومكث في المستشفى. في السابق كنّا نملك قطيعًا من 20 خروفًا. كان ابننا “م” يخرج لرعي الأغنام في الجهة الشرقيّة من القرية. وقد اعتدوا مستوطنون على القطيع وقتلوا الذكر. ومن وقتها بعنا الأغنام.
في ليلة أمس الأول (5 آذار 2017) أعلن المجلس المحليّ عبر مكبّر الصوت في المسجد عن وجود تنسيق مع الإدارة المدنيّة لحراثة الأراضي في الجهة الغربيّة من حَڤات ﭼلعاد. اتصل زوجي برئيس المجلس وسأله أيضًا عن وجود تصريح، وقد أكّد رئيس المجلس ذلك. تنازل زوجي عن الذهاب للعمل في إسرائيل وقرّر الخروج لحراثة قطعتي الأرض. وقد اتفق مع “ن.س.” الذي يملك جرّارًا في القرية، على الذهاب معه لحراثة الأرض. في الساعة الثامنة صباحًا من يوم أمس توجّهتُ مع زوجي والجرّار إلى الأرض. لم يخرج جيراننا من أصحاب قطع الأراضي في ذلك اليوم معنا. عند خروجنا من القرية باتّجاه الأرض اكتشف صاحب الجرّار أنّ الوقود على وشك أن ينفد فعاد عندها إلى القرية لملئه بالوقود، وواصلنا نحن السير باتجاه الأرض. على الطريق الترابيّة المؤدية إلى أرضنا، وعلى بُعد كيلومتريْن غربيّ قطعة الأرض، وضع الجيش بوّابة قبل سنتين. وفي أيّام التنسيق يفتح الجيش هذه البوابة. وصلنا إلى البوابة وبعد عشر دقائق وصل الجرّار. وقف جنديّان بجانب البوابة. وقرابة الساعة التاسعة فتج الجنود البوابة لنا ودخلنا. عمومًا، وعند وجود تنسيق، تتواجد في المكان قوات الجيش والشرطة التي تحيط بالموقع. لكنّنا لم نرَ هذه المرّة جنودًا آخرين باستثناء الاثنين اللذين فتحا لنا البوابة. بدأ الجرار بالحراثة. سرتُ مع زوجي أمامه وأزحنا الأغصان من أمامه. بعد نحو نصف ساعة حضرت سيّارة رماديّة وبداخلها مستوطن. مرّ بجانبنا ولم يفعل شيئًا ودخل المستوطنة. لم تمرّ أكثر من عشرين دقيقة منذ مرور السيارة حين حضر ثلاثة مستوطنين. كانوا رجالًا سمينين، غير ملثّمين وطويلين ولهم لحى شقراء. لواحد منهم على الأقل سوالف. لم أنتبه إذا كانوا يعتمرون القلنسوات (كيݒا) أم لا. جاءوا إلينا إلى داخل قطعة الأرض وبدأوا بإلقاء الحجارة. كسر المستوطنون الزجاج الأماميّ في الجرّار، وألقوا الحجارة عليّ. أُصبتُ في صدري ورجلي ووقعتُ. حاول زوجي مساعدتي. وعندما ألقى المستوطنون الحجارة على الجرّار بدأ السائق بالصراخ: “أين الجيش؟ أين الشرطة؟”. ألقوا الحجارة علينا إلى أن خرجنا من قطعة الأرض. عندما وصلنا قرابة 100 متر قبل البوابة ظهر عشرة مستوطنين آخرين وجنديّان إضافيّان حضرا من صوب المستوطنة. صرخ زوجي على الجنود بالعبريّة بأنّ المستوطنين اعتدوْا علينا وطلب منهم المساعدة. عندما اقترب زوجي من الجنود وأوضح لهم بالعبريّة ما حصل، وصل المستوطنون إلينا وانقضّوا على زوجي بحضور الجنود وأسقطوه أرضًا. وقد نجح الجنديّان في تحرير زوجي من قبضة المستوطنين.
عندما وصلتُ مع زوجي وسائق الجرّار إلى البوابة سألنا الجنديّان اللذان ظلّا هناك طيلة الوقت عن سبب عودتنا المبكرة. شرح له زوجي ما حدث. أحد الجنديين الذي يتحدث العربيّة أمسك بيد زوجي وقال له: “تعالَ وأَرِني المستوطنين”. عندما رأيت الجنديّ يمسك بيد زوجي قلت له: “لا تأخذه، يكفي ما حدث لنا”. قال الجنديّ بالعربيّة “إنّه معي، تحت مسؤوليتي”. عندما ذهب زوجي مع الجنديّ ركضتُ باتجاههما. وصلنا كلنا، أربعة جنود وزوجي وأنا وسائق الجرار، إلى جانب المستوطنون. وقفنا على بعد 20 مترًا منهم. تحدّث الجنود مع المستوطنين وترجموا لنا المحادثة. ووفقًا لما قاله الجندي الناطق بالعربيّة، فإنّ المستوطنين ادّعوا أنّهم لم يهاجمونا بل اكتفوا بطردنا من الأرض. وادّعى أحد الجنديين اللذين أتيا من حَڤات ﭼلعاد بأنّ المستوطنين يكذبون وهم هاجمونا. طلب منّا الجنود العودة إلى البوابة والانتظار هناك، وعاد المستوطنون إلى حَڤات ﭼلعاد. في الطريق إلى البوابة مرّت بجانبنا السيّارة الرماديّة التي التقيناها عند وصولنا إلى العمل. سارت السيارة من حَڤات ﭼلعاد باتّجاه البوابة. جلس في السيّارة المستوطنون الثلاثة الذين اعتدوْا علينا. فبدأوا بشتمنا طيلة الطريق حتّى البوابة وقالوا لنا كلمات أخجل من تكرارها. لم يرافقنا الجنود إلى البوابة. وعند وصولنا إلى البوابة انتظرنا نصف ساعة، إلى أن ظهرت سيارة شرطة إسرائيليّة أتت من صوب حَڤات ﭼلعاد. الشرطي الذي يتحدّث العربيّة قال لي إنّ عليّ تقديم شكوى لدى الشرطة إذا كان مستوطن قد اعتدى عليّ. قلتُ له إنّي مستعدّة لتقديم الشكوى.
أنا من سكّان فرعتا. يقع بيتي في مركز القرية بجانب مدرسة البنات، وأعيش فيه مع عائلتي. أنا سائق جرّار (تراكتور) وأملك واحدًا ولديّ قطعة أرض مساحتها نحو 12 دونمًا ورثتها عن أبي، وهي بجانب حَڤات ﭼلعاد. توجد فيها 70-80 شجرة زيتون كبيرة. الآن لا يمكن الوصول إلى الأرض إلّا بتصريح. نحن نحصل على يوم واحد للحراثة ويوم للقطف في السنة. هذا العام كنت في الموقع ليوم واحد أثناء القطف. في السنة الماضية رشّ المستوطنون جزءًا من أشجاري ويبس بعضها. فنحن لا يمكننا الاعتناء بها وتقليمها وما شابه. قبل إقامة البؤرة الاستيطانيّة عام 2002 كُنّا نذهب إلى هناك بين الحين والآخر للتنزّه في الموقع مع العائلة. والآن لا يمكننا الحضور إلّا مرتيْن في السنة. وقد عانيت في الماضي من عنف المستوطنين عندما زرعت الحنطة وتوجّهت لحصدها فيما بعد: فقد اعتدوْا عليّ ويقبوا إطارات الجرّار وأطلقوا الرصاص عليّ وأصابوني في رجلي. عندها (عام 2005) حضر الجيش وأخذوني بسيّارة الإسعاف إلى مستشفى رفيديا في نابلس، ومكثتُ هناك ثلاثة أيّام. وقد اعتدوا عليّ أيضًا عام 2008 عندما حضرتُ إلى الموقع للحراثة، وألقوا عليّ الحجارة، فهربتُ من دون أن يحصل سوء للجرّار، لكنّني لم أقدّم شكوى.
ليلة يوم الأحد، الموافق 5.3.2017، اتّصل بي “ع.س.” من فرعتا وطلب مني الذهاب معه في الغداة لحراثة أرضه التي تقع غربيّ حَڤات ﭼلعاد. في تلك الليلة أيضًا أعلن رئيس المجلس في مكبّر الصوت أنّ هناك تنسيقًا مع الإسرائيليّين بحراثة الأراضي. في الغداة -6 آذار- خرجتُ بالجرار قرابة الساعة الثامنة والنصف صباحًا، ومعي “ع” وزوجته. سرنا على الطريق الترابيّة المؤدية إلى أرضه. وصلنا إلى البوابة المغلقة الموجودة في الطريق، وكان هناك جنديّان، فسألانا: إلى أين؟ (بالعربيّة، أحدهما كان درزيًّا). قلنا إنّنا ذاهبون إلى الأرض للحراثة. ظلّت البوابة مغلقة ومررنا من الجانب الأيمن حيث يوجد هناك معبر. رأينا أيضًا مزارعًا يحرث الأرض، وهو “ر.ص.” من قرية إمتين. واصلنا السير حتى قطعة الأرض التابعة لعبد الله التي كانت تبعد قرابة 700 متر عن البوابة. أنا أملك 14 دونمًا ويُعطونني يومين للحراثة. عملت نحو 20 دقيقة وعندها رأيت على الطريق الترابيّة سيّارة سوبارو رماديّة يقودها مستوطن سمين مُلتحٍ قد يكون في الخامسة والثلاثين من عمره. نظر إلينا وواصل السير نحو كرڤانات حَڤات ﭼلعاد. وواصلتُ أنا الحراثة، فيما كان عبد الله وزوجته يُنظّفان الأرض من الأغصان. واصلنا العمل قرابة سبع دقائق أخرى وعندها عادت السيّارة الرماديّة وفيها ثلاثة مستوطنين. ركنوا السيّارة على الطريق، وخرجوا واقتربوا منّا. لم يكونوا ملثّمين وأنا لم أرَ معهم سلاحًا أو قضبانًا حديديّة. كانوا يحملوا القناني والحجارة. بدأوا بإلقاء الحجارة علينا، وقد أصابوا زجاج الجرّار الأماميّ وحطّموه. ثم شتمونا. أدرتُ الجرّار وبدأتُ بالسير صوب البوابة وصرختُ “يا جنود، يا جنود”، كي أخيف المستوطنين إذ سيعتقدون وجود جنود في الجوار. لم أرَ الجنود عند البوابة لأنّن كنتُ في الوادي والبوابة على التلّة. واصلوا إلقاء الحجارة. كنتُ قد اقتربتُ من البوّابة وسمعتُ زوجة عبد الله تصرخ: “لقد أمسكوا بزوجي”. نزلتُ عن الجرّار وطلبتُ من الجُندييْن القدوم معي. سرتُ صوب “ع”، ورأيته واقفًا والمستوطنون يضربونه على يديه وظهره. عندما وصلتُ إلى “ع” كان قد خرج جنديّان من داخل الأشجار، وحاولا إبعاد المستوطنين وأيقافهم لكنهما لم ينجحا بذلك. حضر ضابط وقلت له إنّهم ضربوا “ع”، فقال للمستوطنين: “يوجد تصريح بالحراثة”، فأجاب المستوطن: “لا يوجد تصريح، العرب إرهابيّون”. عندها أفلت المستوطنون “ع”. طلب منّا الضابط العودة إلى البوّابة. سار المستوطنون وراءنا في السيّارة وعند وصولنا إلى البوّابة رأيتُ المستوطن يفحص بمفتاح معه ما إذا كانت البوابة مغلقة أم لا.
عاد المستوطنون إلى التلة، وانتظرنا عند البوابة، وبعد نحو نصف ساعة حضر شرطيّان وسألا عمّا يحدث. روينا لهما ما حدث، والتقطا الصور للجرّار وطلبا منّا تقديم شكوى في كدوميم أو أريئيل. ولم نعد إلى الحراثة وما زلنا ننتظر إعادة التنسيق.