
تسكن عائلتنا في مكان يُسمّى خربة لسيفر. بمحاذاته شُيّدت مستوطنة بيت يتير، وشرقيّ مزرعة العائلة تقع مدرسة تمهيديّة عسكريّة. في ساحة المدرسة التمهيديّة ثلاث هوائيّات عالية. نحن نعيش في عدة مناطق قريبة من بعضها البعض وكلّنا نعيش بمحاذاة سياج المستوطنة. لكلّ واحدة من مواقع العائلة السكنيّة مدخل منفصل، وكل سكّان المناطق السكنيّة من أبناء وأحفاد وأبناء أحفاد “م”، الذي له 15 ولدًا.
بما أنّ موقع العائلة يشكّل “مُسوَّرة” (جزيرة) خلف جدار الفصل (أي في الجانب الإسرائيليّ للجدار ظاهريًّا)، فنحن مضطرون للحصول على تصاريح من الإدارة المدنيّة من أجل المكوث في بيوتنا كلّ ثلاثة أشهر. ونحن نضطر لعبور حاجز يتير في كلّ خروج ودخول لنا من وإلى موقع العائلة. ومنذ اليوم الأوّل تعاني العائلة من السكن إلى جانب المستوطنين. فهناك مشكلة تتعلّق بالوصول إلى مناطق الرّعي، ونعاني إلقاء الحجارة على موقع العائلة وصعوبة استصلاح أراضينا.
كما أنّ وحدة المستوطنة الأمنيّة تزيد هي الأخرى من حدّة التنكيلات بنا. فهم يأتون في الليل إلى الموقع، ويُضيئون المنطقة مُوجّهين المصابيح إلى داخل البيوت والخيم ويدبّون الذعر. مركز الأمن الجاري هو “ز.ش.”، وقد قُدّمت ضدّه الكثير من الشكاوى على مرّ السنين، من دون أيّ طائل.
في يوم الاثنين، 17.5.2010، استيقظتُ على صياح وأصوات أشخاص دخلوا إلى موقعنا. في البداية لم أعرف ما يدور، ولكنّني عندها سمعت خارج الخيمة التي كنتُ أنام فيها أصوات أشخاص وتكسير نوافذ سيّارات وضربات على المعدن. خرجتُ من الخيمة ورأيتُ قرابة 15 شخصًا يتجوّلون في موقعنا بجانب السيّارتيْن والتراكتور. رأيتُ المستوطنين وقد انقسموا إلى مجموعتيْن، وكانت كلّ مجموعة تُلحق الأذى بسيّارة أخرى. وانشغلت مجموعة أخرى بهدم عرائش المضافة لدينا. وبما أنّ المعتدين تحدّثوا فيما بينهم بالعبريّة فقد افترضت أنّ الحديث يدور عن مستوطنين. في البداية حاولتُ الاقتراب من موقع الحدث من أجل منع استمرار التنكيلات، إلّا أنّ أحد المُعتدين رفع في وجهي بلطة منعتني من التقدّم لأنّني خشيتُ من الأذى.
كان كلّ أعضاء المجموعة مُلثّمين. وفي كلّ مرّة كان أحدنا يغادر البيت كان المستوطنون يعتدون عليه بالحجارة. وانقسم المستوطنون فيما بينهم كي يستطيعوا الاعتداء على كلّ الموقع، فألقوْا الحجارة أيضًا على البيت الذي ينام فيه أبي الذي يبلغ 89 عامًا، إلّا أنّ الحجارة لم تُصبه. وحاول بعض المستوطنين إتلاف التراكتور ووضعوا في خزّان الوقود ملحًا أو سُكرًا. وقاموا أيضًا بكسر بطّارية التراكتور، وقد كُسر زجاج السيّارتيْن الأماميّ وقاموا أيضًا بإلقاء الحجارة على الماعز ما أدّى إلى مقتل عنزة واحدة.
وتواصل الاعتداء قرابة النصف ساعة إلى أن غادر المستوطنون بإرادتهم. وعندما غادروا المكان لحقتهم ورأيت أنّهم يدخلون عبر بوّابة المستوطنة، ورأيت أنّ ز.ش.، مُركّز الأمن الجاري، يقف إلى جانب البوابة ويغلقها بعد أن دخلوا جميعهم إلى المستوطنة. وفي أثناء الاعتداء قام أحدهم بإطفاء الأضواء إلى جانب الجدار من أجل تعتيم المنطقة وإلحاق الأضرار.
في غضون ارتكاب الحادثة اتّصلنا أنا وأقربائي بالشرطة. وقد حضرت الشرطة قرابة الساعة 03:00، وحقّقوا معنا وصوّروا أجزاء من الأضرار. ثم طلبوا منّي القدوم في الغداة إلى شرطة كريات أربع لاستكمال الشكوى. بعدها رأينا الشرطيّين وهم يدخلون إلى المستوطنة، ولكنّنا لا نعرف ما حدث هناك. في الغداة توجّه بعض أفراد العائلة إلى الشّرطة لتقديم شكوى. بعدها حضر إلى الموقع شرطيّون والتقطوا صورًا للوضع في المكان وجمعوا بصمات الأصابع. وقد رأيتهم يضعون القفازات وهم يقومون بأعمال التحاليل الجنائيّة.
أمّا بخصوص التعرّف بهويّات المستوطنين، فقد كانوا مُلثّمين ولذلك يصعب التعرّف بهم وتشخيصهم، إلّا أنّني أعتقد أنّهم من طلاب المدرسة التمهيديّة العسكريّة الواقعة بجانب الجدار. في الغداة، وفيما كانت الشرطة لدينا، وقف جزء من طلاب “المدرسة” بجانب الجدار وصاروا يضحكون أثناء تسجيل الإفادات.