
أنا أعيش في مزرعة خربة لصيفر، جنوب جبال الخليل. تقع المزرعة على الشارع المؤدّي من شارع 60 صوب عراد، بعد حاجز “متسودات يهودا”، وتحدّها من الشرق مستوطنة بيت يَتير. تقوم المزرعة على أرض خاصّة تملكها العائلة من أيّام الأتراك. وقد اعترفت المحكمة الإسرائيليّة بملكيتنا على الأرض.
تعتاش عائلتي على الزراعة ورعي المواشي. أنا أرعى الماشية حتّى الساعة 14:00، وعندها يستبدلني أبنائي. تقع مروج الرعي على أراضي دولة شمال-شرق بيتنا، وأنا وأفراد عائلتي وجيراني نرعى الماشية في هذه الأراضي منذ أجيال. الدخول إلى المزرعة مشروط بالعبور من خلال حاجز “متسودات يهودا”، الأمر الذي يشكّل صعوبة على حياة العائلة وعلى توفير الغذاء الجاري للحيوانات.
على بُعد 500 متر شمال-شرق المزرعة تقع مزرعة “حَڤات طاليا” التي أقامها مطلع سنوات الألفين مستوطن من جنوب أفريقيا اسمه “ي”، والذي قُتل في حادثة، ويعيش فيها اليوم أبناؤه وبناته. نعاني عائلتي وأنا من مضايقات متكرّرة من مستوطني “حَڤات طاليا”، ومن ضمنها إلحاق الأذى بالماشية ومناطق الرعي. علاقتنا مع الجيش والشرطة الإسرائيليّة طيّبة اليوم أكثر من الماضي، وهم يحموننا.
في يوم 19.2.2017 كنتُ في المرعى مع الغنم والماعز. وفي السّاعة 14:00 استبدلني أبنائي وأبناء عمومتهم. بعد 30 دقيقة اتّصل بي ابني “أ.أ.” وقال إنّ خمسة مستوطنين من “حَڤات طاليا” –وكلهم أعمارهم أكبر من 20 ومن بينهم أبناء “ي” الثلاثة- انقضّوا عليهم وضربوا الماشية.
يستطيع “ع.أ.” التعرّف إليهم، باستثناء شخص واحد كان رأسه مغطًى بخوذة درّاجة ناريّة. وصلتُ إليهم الساعة الثالثة والنصف تقريبًا. بدأ المستوطنون من “حَڤات طاليا” بالصراخ والشتم. لم أردّ عليهم لأنّني لم أرغب بمواجهتهم، فأخذتُ الأولاد والماشية وعدتُ إلى البيت. اتّصلتُ بييش دين وطلبتُ مساعدتهم. لم أستدعِ الشرطة لأنّ الشرطة اعتقلتني أنا وأبنائي في حالات تنكيل مستوطنين سابقة، وعندما توجّهت لتقديم شكوى لدى شرطة الخليل رفضوا إدخالي.
[عندما حضر محمود لتقديم شكوى في محطة الشرطة بمعيّة ييش ديش، حُقّق معه كمُشتبه به، بسبب شكوى قدّمها مستوطن ضدّه.]
أسكن مع عائلتي في خربة لصيفر، ولديّ سبعة أخوة وأربع أخوات، وأنا أدرس في الصفّ الثامن.
قرابة الساعة 14:00-14:300 من يوم 19.2.2017، كنتُ مع أبناء عمومتي نرعى الماشية، ما يقرب 150 رأس ماشية، في منطقة اسمها عركوب، تبعد نحو 500 متر شماليّ-شرقيّ المنزل العائليّ. وفجأةً حضر خمسة مستوطنين: كان أحدهم في سيّارة تويوتا لونها فضيّ-أزرق، ورقمها XXX، في العشرين من عمره تقريبًا، وواحد مع درّاجة ناريّة ميدانيّة، وثلاثة أتوْا قبلهما يركبون على دبّاب (تراكتورون).
حضر المستوطنون من بؤرة “حَڤات طاليا” الاستيطانيّة، التي تبعد عن موقع الحادثة نحو كيلومتر. هؤلاء أبناء “ي”، فهم يعيشون في “حَڤات طاليا” وأنا أعرفهم ويمكنني تشخيصهم. لم أرَ سلاحًا معهم ولا قلنسوات ولا سوالف. دخلوا بالدبّاب إلى منطقة الرّعي. انقضّوا على الماشية وضربوا الحيوانات بالعصيّ بغية قتلها وطرد الناس. كان ذلك الذي حضر مع الدبّاب أوّل من بدأ الضرب. وقد ضرب أيضًا ابن عمّي “ع.أ.”. ثم دفعونا وضربوا الماشية طيلة 30-60 دقيقة. وطلبوا منّا عدم الحضور إلى هناك ثانيةً لأنّ هذه الأرض لهم.
حضر أبي فانتهى الأمر. أخذ أبي الماشية وتوجّهنا إلى البيت. هذه ليست المرّة الأولى التي نواجه فيها مشاكل مع المستوطنين الذين يعيشون في البؤرة الاستيطانيّة. قبل شهريْن واجهتُ مشاكل مع أولاد من “حَڤات طاليا” في المكان ذاته.
قرابة السّاعة الثالثة والنصف عصرَ يوم الأحد، كنتُ مع “أ.أ.” و”أ.ق.”. أبقيتُ الماشية مع الأولاد وذهبتُ للصلاة. عند عودتي رأيتُ نحو ستّة أشخاص وسيّارة تويوتا ودبّاب ودراجة ناريّة تابعة للمستوطنين. دعست الدرّاجة الناريّة غنمتيْن كانتا حامليْن ومات الجديان. ضربونا نحن والماشية بالخوذة طيلة نحو 30 دقيقة. وقد شتمونا قائلين “أنتم العرب خراء”، وأشياء أخرى. قالوا لنا “اذهبوا إلى الشرطة والجيش لمساعدتكم.” أخذنا الماشية وعُدنا إلى البيت. في الطريق رأينا سيّارة جيݒ عسكريّة تسافر باتّجاه “حَڤات طاليا”. لم نقدّم شكوى لأنّ لنا تجربة سيئة مع الجيش والشرطة. نحن نقدّم الشكوى ويعتقلوننا نحن ويطلقون سراح المستوطنين.