
أنا أعيش طوال السنة في خيمة بالغور. أعود كلّ بضعة أيّام إلى بيتي وزوجتي وولديّ الصغيريْن، أحدهما عمره سنة ونصف السنة والثاني خمسة شهور، في قرية عقربا. لديّ قطيع ماشية فيه 50 غنمة و30 معزاة. بالإضافة، أنا أرعى 200 رأس ماشية تابعة لأبي.
أنا أخرج للرعي كلّ يوم. في السّاعة الخامسة نحلب الماشية ونخرج إلى المرعى قرابة السادسة. في السّاعة 10:30 نعود إلى الخيمة لسقي الماشية ونستريح في الظلّ حتّى السّاعة 15:30. عندها نعود مع القطعان للرعي حتى غروب الشمس. يأتي أبي كلّ صباح لإحضار الغذاء والاحتياجات الأخرى ويأخذ الحليب إلى عقربا.
في يوم 15/6/2020 كنتُ في المرعى. خرجتُ السّاعة السّادسة صباحًا وكان معي أخي وقطيعه ومعنا ابن عمّي. قرابة السّاعة 10:30 رأيتُ أربع سيّارات تدخل باتّجاه خيمنا. كانت السيارات تحمل لوحات ترخيص إسرائيليّة. اتّصلتُ بأبي فورًا لأسأله عمّا إذا كان ينتظر شخصًا ما. قال لي: “أنا لا أنتظر أحدًا”. أنهيتُ المكالمة مع أبي، اقتربتُ من الخيم، وعلى بعد نحو 600-700 متر رأيتُ أربع سيارات، والتقطتُ صورًا لاثنتيْن منها.
اتّصلتُ بأبي ثانية وقلتُ له: “تعال بسرعة ومعك مساعدة”. في تلك الأثناء رأيت المستوطنين يركنون سيّاراتهم، وينزلون منها ويتوجّهون إلى الخيمة. بدأوا بتمزيق أقمشة الخيم وعندها وصلوا إلى خيمة أبي التي تحوي النظام الكهربائيّ. المُستقبِلات في الخارج، والبطاريات والسّاعة في داخل الخيمة.
رأيتهم يدخلون ويضعون أغراضًا في سيّاراتهم. ذهبوا وعادوا مع أغراض لمدة ربع ساعة. بعدها دخل المستوطنون سياراتهم وعادوا باتجاه شارع 60. انطلقوا شمالًا ومرّوا بالقرب منّا. رأيتهم في داخل السيّارات مع كمامات سوداء. لم أعرف ما إذا كانت الكمامات بسبب الكورونا. عندما وصلوا إلى شارع ألون استمرّوا في السّير لكيلومتر آخر، ثم انعطفوا يسارًا وصعدوا عبر طريق ترابيّة توصل إلى مستوطنة أيتمار.
عندما أصبحوا على مسافة آمنة، عدتُ إلى خيمنا. رأيتُ ضررًا كبيرًا. كانت كلّ أقمشة الخيم ممزّقة. وقد سُرقت بطاريات المُستقبِلات، فيما كُسّرت المُستقبِلات نفسها. وقد سُرقت أغطية وسجاجيد. وكسروا في الداخل أيضًا أدوات المطبخ وأكواب الشاي وغيرها. حضر أبي رفقة عمّي وشخص آخر من عقربا وفحصوا ما حدث وصوّروا كلّ شيء.
في صباح اليوم التالي اتّصل بي شخص، وقال إنّه من الشاباك الإسرائيليّ. طلب منّي أن أحكي له ما حدث وهذا ما فعلته. طلب منّي أن أنتظره في العاشرة صباحًا في اليوم التالي في الموقع وسيأتي إليّ.
في الغداة حضرت سيارتا جيـﭗ عسكريّتان وسيارة جيـﭗ شرطيّة وسيّارة أخرى لوحتها حمراء. قال لي أحدهم: “أنا ضابط الشاباك الذي اتّصلتُ بك أمس”. التقطوا الصّور ووثقوا، وقامت الشرطة ورجل الشاباك بتدوين إفادتي. دوّنت الشرطة إفادة من أربع صفحات، وبعدها وقّعت على كلّ صفحة. لم أتلقَّ تصديقًا بتقديم شكوى.
أنا من سكّان عقربا، وأسكن أثناء فصل الشتاء في خيمة بالغور مع أولادي وعائلتي، حيث نرعى الماشية. لديّ ستة أبناء وأربع بنات: أكبرهم عمره 30 عامًا والصُغرى 12 عامًا. ثلاثة من أبنائي رُعاة ماشية ويبقون في الغور طيلة السّنة، وهناك يرعون قطعانهم وقطيعي أيضًا الذي يحوي 150 غنمة و50 معزاة.
عندما أسكن في عقربا أنزل كلّ صباح إلى الغور بسيارتي كي أجلب الطعام لأولادي والأغراض التي تلزمهم. وفي طريق العودة إلى عقربا صباحًا آخذ معي حليب الماشية كي أصنع منه الجبنة التي نبيعها في عقربا وقرى المنطقة. هذا هو أسلوب حياتنا التقليديّ منذ أيّام جدّي.
في الماضي كنتُ أسكن في غيمة بالغور، في المنطقة التي تقع قبالة مستوطنة ﭴيتيت. هدم الجيش خيمتي أربع مرّات وطردني من هناك. ومن هناك نزلت شرقًا وسكنّا في الموقع 19 سنة. حضر الجيش إلينا ستّ مرات وهدم الخيمة. وإلى جانب الجيش هناك المستوطنون الذين يطردوننا عندما يروننا.
نحن نشتري الماء من صهريج يأتي به جرّار إلينا. لدينا مُستقبِلات شمسيّة وفّرتها لنا منظمة وبلدية عقربا من أجل توليد الكهرباء. أنا وأولادي الثلاثة نملك كلّنا خيمًا مستقلة وهي متجاورة. إلى جانب ذلك فنحن نملك مبنًى يشبه حظيرة ماشية وحوله سياج حديديّ كي لا تهرب الماشية.
في يوم 15/6/2020 كنتُ في عقربا. وقرابة السّاعة 10:30 تلقيتُ اتصالًا من ابني الذي سألني: “أبي هل تنتظر قدوم شخص إلى الخيمة؟” قلتُ له: “أنا لا أنتظر أيّ شخص”. قال لي ابني: “رأيتُ أربع سيّارات بلوحات ترخيص إسرائيليّة تقترب من الخيمة. إذا كنتَ لا تتوقع قدوم أحد فهم مستوطنون”. وعندها أنهى ابني الاتصال.
اتصلتُ على الفور بأخي وبقريب آخر من العائلة واتجهنا بسيّارتي صوب الخيمة. اتصلت فورًا برئيس المجلس وطلبتُ منه إبلاغ مديريّة التنسيق والارتباط بوجود مستوطنين في خيمتنا. عندما وصلتُ إلى موقع ابني في الساعة 11 كان المستوطنون جميعهم قد غادروا مع سياراتهم. رأيتُ وقوع الكثير من الأضرار في خيمنا: أقمشة ممزقة في ثماني خيم؛ سرقوا بطاريات المستقبِلات الشمسيّة- كلّ بطارية ثمنها 1,000 شيكل؛ كسّروا كلّ زجاجات المستقبِلات الشمسيّة- كلفة المستقبِلات الأربعة 7,000 ش.ج. لقد كسّروها تمامًا؛ وسرقوا أيضًا عدًدا من الأغراض التي كانت في الخيم مثل خمسة أغطية وسجاجيد وقطعتي قماش جديدتيْن كانتا في كيس؛ وكسروا المعدات المطبخيّة وأكواب الشاي وماكينة القهوة. قمتُ على الفور بتصوير كلّ شيء، واتصلت ثانية برئيس المجلس لأبلغه بما حصل معنا بالضبط. عدتُ إلى عقربا نحو الثانية بعد الظهر. لكنّني قبل ذلك طلبتُ من أبنائي أن يتركوا المكان وأن يبتعدوا أكثر نحو الشرق مسافة كيلومتر لعمق الغور، خوفًا من المستوطنين.