
لديّ قطعة أرض في منطقة تُدعى “روماني” على مساحة 30 دونمًا. تقع قطعة الأرض، على مسافة خمسة كيلومترات تقريبًا شماليّ سنجل، ومسافة 300 متر شماليّ البؤرة الاستيطانيّة ﭼڤعات هاروئيه. الأرض مزروعة بالزيتون واللوز والتين.
في الساعة 8:30 صباحًا من يوم السبت، 4.4.2009، ذهبتُ لحراثة الأرض مع عميّ، ويُدعى “م.أ.”. كان معنا جرّاران. حرثنا الأرض لعشر دقائق من ثم حضر ثمانية مستوطنين مسلّحين بـبندقية إم-16 ومسدّسات وقالوا لنا إنّه يحظر علينا حراثة أرض ليست لنا، وإنّه يحظر علينا أصلًا التواجد هنا دون حضور أحد من مديرية التنسيق والارتباط. أجبت بأنّنا نحرث الأرض كلّ سنة من دون مشاكل.
بعد ثلاثة أيام، علمتُ أنّ اسم المستوطن الذي تحدّث معنا كان “ش”. بنيته نحيلة، قامته ليست طويلة، يضع جسرًا لتقويم الأسنان وبشرته سمراء قليلا. يعتمر قلنسوة (كيݒا) سوداء، ويرتدي سترة سوداء وبنطال جينز. كان يضع مسدّسًا داخل حزامٍ، وكان مزوّدًا بكاميرا التقط بها الصور طوال الوقت. تعرّفت إلى مستوطن آخر بدا مألوفًا لي، كان يجوب المنطقة ويحرس البؤرة الاستيطانيّة. توجد في القرية صور لهما. طريقة كلامهما، حركاتهما، طريقة دفعهما لنا وشتائمهما كانت عنيفة جدًا. ادّعيا أنّنا كاذبان وسارقا أراضٍ. قلت لهم إنّ هذه بلادنا، إنّ هذه أرضي وإنّنا لسنا سارقين. هذه الأرض كانت لأبي ولجدّي. طلبت استدعاء الشرطة لتبتّ في الأمر، وأجاب بأنّ اليوم السبت، بأنّ الجيش والشرطة وضباط مديرية الارتباط والتنسيق ليسوا موجودين وبأنّه علينا الذهاب إلى بيوتنا. فتح أحد المستوطنين غطاء خزان الوقود الخاصّ بالجرّار لمِلئِه بالتراب. ومع تصاعد العنف، قرّرتُ مغادرة المكان. غادرت مع الجرّاريْن. بدأ أحد المستوطنين بالصراخ كما لو كان في مباراة كرة قدم، قائلًا: “فُزنا، فُزنا”.
اتّصلت برئيس المجلس، وقام بدوره بإبلاغ مديرية الارتباط والتنسيق التي أبلغت مديرية الارتباط والتنسيق الإسرائيليّة. ابتعدنا مسافة كيلومتر وجلسنا تحت شجرة لتناول وجبة الفطور. قَدِم نحونا الحارس ذو البشرة الفاتحة، والذي اعتمر قلنسوة (كيݒا) بيضاء وسأل: “لماذا أنتما هنا؟ اذهبا إلى بيتيْكما”، أجبته بأنّنا نتناول الطعام. اتّصلت برئيس المجلس للاستيضاح ما إذا أرسلوا أيّ قوات، وأجاب بنعم. انتظرنا لمدّة ساعة ونصف، لم يأتِ أحد وقرّرنا العودة إلى بيوتنا.
حدث ذلك في فترة عيد الفصح، ونسّق رئيس المجلس موعدًا مع مديرية التنسيق والارتباط بعد العيد. عُيّن الموعد مع “أ” من مديرية التنسيق والارتباط ليوم الأحد الموافق 19.4.2009 في الساعة الثامنة صباحًا. تعهّد “أ” بأنّه لن تكون أيّ مشاكل أخرى، وبأنّ الجنود سيحافظون على النظام في المنطقة. حضرنا إلى المكان في الموعد المحدّد. كان “أ” هناك مع بضعة جنود ومعهم المستوطن “ش”، حارس البؤرة الاستيطانيّة (الأصلع)، وثلاثة آخرون، وضع أحدهم النظارات، كان شعره أحمر اللون، اعتمر قلنسوة (كيݒا) وارتدى ملابس بيضاء. سألنا “أ” أين نريد بدء العمل، وأريته المكان، من ثم سأل: “لِكَم من الوقت؟” أجبته بأنّنا نريد العمل ليوم كامل، حتى ثماني ساعات، وربّما سنحتاج لمتابعة العمل في اليوم التالي. نادى “ش” على “أ” جانبًا، تحدّث معه قليلًا، ومن ثم عاد “أ” إلينا وقال: “المستوطنون غاضبون، يمكنكم العمل اليوم لمدّة ساعتين ومن ثم الانتقال لمكان آخر، لا أريد أيّ مشاكل!”. تدخّل المستوطن قائلًا: “ليس لساعتيْن، لساعة ونصف فقط”. غادر “أ” المكان وبقيَ هناك ضابط واحد. بدأنا بحراثة الأرض. بعد ساعة ونصف بالضبط، عاد “ش” برفقة بضعة مستوطنين، ولم يسمحوا لنا بمتابعة العمل. اضطررنا لوقف العمل. قبل أن يغادر “أ” المكان، كان قد نسّق معنا متابعة العمل في اليوم التالي لإتمام حراثة الأرض.
عدنا إلى الأرض في صباح اليوم التالي، الإثنين، كالمتفّق سابقًا. كان “أ” في المكان ومعه ضابط من مديرية التنسيق والارتباط وأربعة جنود. غادر “أ” وقال لنا إنّه لن تكون هناك أيّ مشاكل. بدأنا بالعمل. حضَر “ش” والحارس وأخذا يضايقاننا، واعترضا طريق الجرّارات وطلبا من السائقين الابتسام ليلتقطا لهم صورًا. قال “ش” إنّ الجرّارات غير مرخّصة، وإنّه يريد رؤية المستندات وإنّه علينا وقف العمل. توجّهت إلى الضابط. قالوا إنّهم سيستدعون الشرطة.
بعد نصف ساعة حضر شرطيّان، وسألا من المسؤول؟ أجبتهم بأنّني المسؤول. طلبا رؤية بطاقات هوياتنا الشخصيّة ومستنداتنا. جمعنا المستندات التي وُجدت بحوزتنا (وقف “ش” مع الشرطي لمشاركته فحص المستندات)، سألته لمَ يضايقوننا في أرضنا، وخلال يوم عمل منسّق. قال لنا الشرطيّ إنّ المستندات المطلوبة غير موجودة بالكامل، ولكنّه سمح لنا بمتابعة العمل. انتهينا من العمل في الأرض، ونسّقنا مع الضابط الانتقال لقطعة الأرض التالية. انتقلنا إلى هناك وبدأنا بالعمل. بعد مرور نصف ساعة، حَضَر “ش”، فتوجّهت إلى الضابط ليُخرِج “ش” من قطعة الأرض لأنّه يعيق عملنا. لم يُولِ “ش” أيّ أهمية لذلك واستمرّ في مضايقتنا. توجّهت إليه وطلبت منه أن يبتعد عن طريق الجرّار، وضعت يدي على كتفه وادّعى أنّني أدفعه. طلب تقديم شكوى عن قيامي بدفعه. قال له الشرطيّ أن يذهب لتقديم شكوى. طلب الشرطي رؤية مستندات وأخبرته بأنّ الشرطة كانت هنا قبل قليل وفحصت المستندات. قال لي إنّه يؤدّي عمله، وإنّني أستطيع تقديم شكوى لدى الشرطة عن مضايقه “ش” لنا. قلت له إنّني سأذهب في الغد، ليس في ذلك اليوم لأنّني كنت في خضمّ العمل. قلت لضابط مديرية التنسيق والارتباط الذي كان جالسًا تحت شجرة بعيدة إنّ “أ” تركه هناك للإشراف ليتسنّى لنا متابعة عملنا. أجابني بأنّه لا يعمل لديّ أو لدى “أ”. سمح لي الشرطيّ بمتابعة العمل وأعطاني استدعاءً لتقديم شكوى لدى الشرطة في اليوم التالي. انتقلنا إلى قطعة أرض أخرى وأنهينا عملنا بهدوء.
في اليوم التالي، الموافق 21.4، ذهبت إلى الشرطة وأعطيتهم الاستدعاء. حقّق معي رجل شرطة يُدعى “ج”. سجّل ما حدث البارحة ولكنه لم يوافق على تسجيل ما حدث يوميّ الأحد والسبت. أعطاني استمارة طلب للحصول على معلومات من الشرطة. لم أحصل على مصادقة لتقديم شكوى. اتّصل الشرطيّ “ج” بالمستوطن “ش” واستدعاه للحضور. طلب منّي “ج” التعرّف إليه وفعلت ذلك، من ثم ذهبت إلى البيت.
أول أمس، يوم الأحد الموافق 10.5، هاتفني شرطيّ يُدعى “ر”. تكلّم العربيّة وقال لي: أمامي شكواك ضدّ “ش” وشكوى “ش” ضدّك. إذا ألغيت شكواك فسيُلغي هو شكواه. يعتذر عمّا فعله لك، ولا يعرف ماذا ألمّ به. لم أوافق على ذلك.
قرار سلطات تطبيق القانون في نهاية التحقيق
في تاريخ 15.5.2011 رفضت النيابة العامّة الاستئناف مدّعيّة أنّ “ش” “أدركَ أنّ سلوكه لم يكن لائقًا، واعتذر”، وأنّه “في هذه الظروف، فإنّ المصلحة العامة بمفهومها الواسع قد اُستنفدت”.