
أنا أملك قطع أراضٍ وكروم زيتون أيضًا إلى جانب شارع ألون، وبالقرب من بؤرة عادي عاد الاستيطانيّة. لديّ ملفات كثيرة لدى ييش دين وتاريخ طويل من المشاحنات والعنف، وقطع أشجار الزيتون وسرقة الأراضي من عائلتي.
على مرّ السنين التي عانينا فيها عنفَ المستوطنين، قدّمنا ما لا يُحصى من الشكاوى لدى الشّرطة، إلّا أنّ جميع الملفات أُغلقت. أنا أعتقد أنّه يجب تقديم شكوى ضدّ الدّولة جراء كلّ الأضرار الاقتصاديّة الهائلة التي لحقت بي وجراء المعاناة النفسانيّة. فالدولة لم توفّر لي الأمان رغم أنّ المنطقة كلّها تخضع للسيطرة الإسرائيليّة. ومن غير المعقول أنّ منطقة تستوجب الحصول على تصريح للدخول إليها تُصبح منطقة مشاع وتسيُّب. هذه هي المنطقة التي قطعوا فيها أمس أشجار الزيتون التي تخصّني- ولم تكن هذه المرّة الأولى. أنا أتّهم الجيش لأنّ ثمّة نقطة عسكريّة مجاورة تمامًا لكرمي، والجيش لم يفعل شيئًا. أنا أتّهم أيضًا مُركّز الأمن الجاري العسكريّ (“المُركّز الأمنيّ”) لأنّه يدخل ويخرج من المنطقة التابعة لي ومسلكيّاته عنيفة.
في يوم أمس الموافق 22 كانون الأول/ ديسمبر، الساعة 15:00 بعد الظهر، اتصل ضابط التنسيق والارتباط الإسرائيليّ وأخبرني بقطع أشجار في أرضي، على بُعد قرابة 600 متر شرقيّ مستوطنة عادي عاد. وأخبرني بوجود نحو 33 شجرة مقطوعة وأرسل لي صورًا. قال لي إنه سيتصل في الغداة من أجل تنسيق الوصول إلى الموقع، أي ترتيب حضوري إلى كرمي وفحص الوضع هناك.
في يوم 22/12/2019 اتّصل ضابط من مديريّة التنسيق والارتباط الإسرائيليّة، وأعلم ابني بقطع الكثير من أشجار الزيتون في قطعة الأرض العائليّة التي نملكها، والتي تقع جنوب- شرق بؤرة عدي عاد الاستيطانيّة. أخبرنا الضابط بقطع 33 شجرة زيتون، كُنّا قد غرسناها قبل أكثر من 25 عامًا. أخبرني ابني بذلك وقال إنّ علينا تقديم شكوى لدى شرطة بنيامين. وبما أنّ الوصول إلى قطعة الأرض يتطلّب تنسيقًا مع الجيش لقُربها من المستوطنة العنيفة، اتفقنا مع الضابط على الخروج إلى الموقع السّاعة 15:00 في اليوم ذاته. وهكذا التقى ضابط الارتباط الإسرائيليّ وأفراد الجيش وممثل عن مديريّة التنسيق والارتباط الفلسطينيّة مع ابني في الموقع. التقط ابني الصور. وفي الغداة، 23/12/2019، توجّهتُ لتقديم شكوى في الشرطة. وبعد أن انتظرتُ لساعة ونصف السّاعة جلسوا معي ودوّنوا إفادتي.
سألني المحقق الشُرطيّ “ما حجم الأضرار الماديّة التي لحقت بك؟”. فهمتُ أنّ المحقق لا يعرف شيئًا عمّا يعنيه هذا العنف الذي حصل. أجبته: “سؤالك لا صلة له بالموضوع قط. فقيمة أضرار هذا العنف تتعدّى الأضرار الماليّة بكثير. أنا غرستُ الأشجار التي اُقتلعت قبل 25 عامًا، ومن وقتها وأنا أعتني بها كأنّها من ضمن أولادي. أنا أشعر بأنّني فقدت أحد أفراد العائلة. هذه الأمور تحدث طيلة الوقت، منذ تأسيس عادي عاد”. واصلت وسألتُ المحقق “إلى متى؟؟؟” وقلتُ إنّه في كلّ مرة يقع فيها مثل هذا الحادث يلتقي الجميع في الموقع، ونحن نقدّم شكوى وهلمّجرًا، ثم يُغلق الملفّ. نظر إليّ المحقّق نظرة لا مبالاة، ولم يهتم للحظة بألمي. إنه لا يفهمنا ولا يفهم ألمنا.
أنا متأكّد من أنّ السّلطات كلّها –الجيش ومديرية التنسيق والشرطة- تتعاون معًا من أجل طردنا من أراضينا. لا يُعقل أنّ الجنود الذين يمكثون في نقطة الجيش لا يرون المستوطنين وهم في طريقهم إلى أراضينا، لأنّهم يمرّون بجانب النقطة تمامًا. المستوطنون معنيّون طبعًا بوضع مثل هذه النقطة العسكريّة في الموقع لأنّ هذا يزيد من شعورهم بالأمان وهم يقترفون جرائمهم. أيّ شخص بوسعه أن يدرك أنّ الوصول إلى قطعة الأرض يتطلّب التنسيق مع السّلطات، والتي كان من المفترض بها أن تقوم بواجباتها تجاهنا كأصحاب للأراضي وأن تحميَنا من هذه الجرائم.
نهاية أقول: في كلّ مرة أقدّم فيها شكوى يُعطونني في النهاية “ورقة معلومات بعد تقديم شكوى”، بالعبريّة والأمهرية!! قد يجوز أنّني لو قدّمتُ المزيد والمزيد من الشكاوى فإنّني سأتعلّم هاتيْن اللغتيْن في نهاية المطاف، لكنني حاليًّا لا أتحدّث إلّا العربيّة ولا حاجة لي باستمارة بالعبريّة والأمهرية. يا لهذا الاستخفاف!!