
أنا من سكّان عصيرة القبليّة، وبيتي يقع على أطراف القرية في الجانب الشرقيّ- الشماليّ، على الشارع الرئيس باتجاه مادَما. مستوطنة يتسهار موجودة على التلّة، جنوبيّ-شرقيّ بيتي. ويبلغ البعد بين بيتي والمستوطنة بخط هوائيّ نحو كيلومتر واحد. يبعد بيتي عن الشّارع نحو متريْن، ونحن نعيش في الطابق الأرضيّ: زوجتي وبناتي الثلاث وأنا.
قبل سنة، في يوم 15.10.2009 وقعت حادثة مشابهة، إذ أُضرمت النيران في حقل القشّ وتضرّرتُ بنحو 20 ألف شيكل. قدّمت وقتها شكوى إنّ أنّها لم تُفضِ لشيء. ومن وقتها تعيش بناتي في هلع وخوف، وخصوصًا في الليل.
في يوم 16.9.2010، في ليلة الأربعاء- الخميس، الساعة 2:19 بعد منتصف الليل، تلقيت اتصالًا هاتفيًا من ح.ع.، من سكّان القرية، ويملك مخبزًا في حوّارة. كان في طريقه إلى المخبز ورأى النار في الحقل. قال إنّه رأى سيّارة تفرّ بعد أن قام أحد رُكّابها بإحراق الحقل. وقد اتصل أيضًا بمطافئ بورين. خرجتُ فورًا باتّجاه البوابة ورأيت النار. حاولتُ أن أعزل المنطقة المشتعلة عن المنطقة التي لم تصلها النار بعد. وجاء أناس من القرية لمساعدتي على إطفاء الحريق. لقد كانت هذه الحادثة مروّعة لبناتي. وأنا أزرع في الحقل الشعير طعامًا لبقراتي البالغ عددها 35 بقرة.
عندما خرجت ورأيت النار لم أرَ المستوطنين، لكنّ الخبّاز الذي أخبرني لحق بهم وقال إنّه شاهد سيّارة صغيرة لونها رماديّ على ما يبدو، إلّا أنّه لم ينجح في رؤية نوع السيّارة ورقمها.
أخبرت الشرطة الفلسطينيّة فورًا، وفي الساعة العاشرة صباحًا اتّصلتُ بمركز خدمات الشرطة الإسرائيليّة، ولكنني لم أتلقَّ ردًا. اتّصلتُ ثلاث مرّات وفي النهاية ردّوا عليّ، وطلبوا منّي الاتصال فيما بعد. في يوم الخميس، الساعة الحادية عشرة ليلًا، اتصل “ي” من مديريّة الارتباط الإسرائيليّة يستفسر عمّا جرى. حكيتُ له وقال إنّه سيأتي في الغداة، وفعلًا حضر في يوم الجمعة السّاعة السادسة والنصف صباحًا. التقط الصّور ووثّق الأضرار وسجّل إفادتي. قدّمت شكوى في مديريّة ارتباط حوّارة لدى الشرطيّ “ق”، وسجّل إفادتي هو الآخر. ونحن نتحدّث هنا عن أضرار بقيمة عشرات آلاف الشيكلات.
على جدار البيت بجانب بوابة المدخل، رُشّتْ كلمة “انتقام”. اُكتشفت هذه الكلمة في الصباح بعد إضرام النار. وقد رُشّت على الجدار ولا يمكن رؤيتها إلّا بعد إغلاق البوابة. وحين تكون البوّابة مفتوحة فإنّها تُغطّي هذا الجزء من الجدار. وفي ليلة إضرام النار كانت البوابة مغلقة.
أنا من سكّان قرية عصيرة القبليّة. لديّ مخبز واحد في القرية وآخر في حوّارة. أنا أخرج للعمل بشكل دائم في السّاعة الثانية بعد منتصف الليل.
في يوم 16.9.10، السّاعة الثانية بعد منتصف الليل خرجتُ متوجّهًا إلى العمل كالمعتاد. دخلتُ المخبز في القرية لأداء أمر صغير وبعد 15 دقيقة خرجتُ باتّجاه المخبز في حوّارة. في الشارع النازل باتّجاه مخرج البلد عند الجهة الشرقيّة لشارع مادَما الرئيس، رأيت سيّارةً بعيدة على مساقة نحو كيلومتر. اشتبهتُ بها لأنّ السيّارة كانت تسير ببطء رغم خُلوّ الشارع، وكانت أضواء الفرامل تضيء وتخبو طيلة الوقت. في هذه الأثناء لم أكن رأيتُ الحريق بعد. واصلت السير، وبعدها وصلت إلى بيت إبراهيم الموجود على الجهة اليسرى من الشارع الرئيس ورأيتُ النار من الجهة اليمنى للشارع في حقل القش. كان الحريق ما يزال في بدايته. لم أعرف ما عليّ فعله، أن أطفئ النار أو أن ألحق بالسيّارة. ويبدو أنّ الفاعلين رأوا سيّارتي فهربوا. وبسبب العتمة رأيتُ أنّ السيّارة صغيرة ولكنّني لم أنجح بتمييز لونها أو نوعها أو رقمها. كما أنّني لم أشاهد الفاعلين. اتصلت بـإبراهيم الذي جاء لإطفاء الحريق. طلبتُ منه أن يتركّز في إطفاء الحريق وأنا سألحق بسيّارة مُضرمي النار.
وصلتُ حتى محطة الإطفائيّة في بورين. وهناك أخبرني رجال الإطفاء إنّ سيّارة صغيرة مرت للتوّ مسرعة بجانب المحطة. وقالوا إنّ لونها كان رماديًّا مع لوحة أرقام إسرائيليّة. لم ينجحوا في معرفة نوع أو رقم السيّارة. وقد قام أحد رُكّاب السيّارة بإلقاء قطعة حديد أصابت سيّارة الإطفاء في المحطة. وقد خفتُ من مواصلة ملاحقتهم فربما كانوا مُسلّحين.
في يوم الثلاثاء اتّصلوا بي من محطة الشرطة في أريئيل وطلبوا منّي القدوم للإدلاء بإفادتي. يبدو أنّ إبراهيم أعطاهم اسمي. توجّهتُ إلى المحطة في ذلك اليوم وأدليت بإفادتي. سألني المُحقّق عن أسماء رجال الإطفاء الذين رأوا السيّارة ورفضتُ تزويده بأسمائهم لأنّهم يخافون من التورّط.