
نحن نعيش جنوب جبال الخليل، شرقيّ بلدة يطّا، وعلى مسافة نحو كيلومتر شماليّ مستوطنة كرمل. يقع بيتنا على بُعد قرابة 30 مترًا من الشارع الرئيس الممتد بين يطّا ومستوطنة كرمل. نحن نعاني بشكل متواصل من حركة سيارات المستوطنين على شريان المواصلات القريب من بيتنا. وفي العموم يشتم المستوطنون السكّان وهم مسافرون بالسيّارات. وفي أكثر من مرّة حاول مستوطنون دعس قطعان تابعة لسكّان من القرية.
يعيش في منزلي زوجي وأنا وخمسة أولاد تُراوح أعمارهم بين 5-12 عامًا.
في يوم الحادثة استيقظتُ قرابة السّاعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، من دون علاقة بما حدث. وفجأةً سمعتُ صوت كلب، واستيقظ ابني الصغير خائفًا من النباح وحاولتُ إخلاده للنوم. ولمّا هممتُ للنوم سمعتُ صوت تكسّر زجاج في صالون البيت. أيقظتُ زوجي لتفحّص ما جرى. اعتقد زوجي أنّ الحديث يدور عن جنود، وعندها بدأ البحث عن مكان تحطّم الزجاج، ففتح باب المدخل ونظر إلى الخارج ورأى أشخاصًا خارج البيت.
أدرك أنّهم ليسوا جنودًا بل أشخاص جاءوا للتخريب، وطلب منّي عدم الخروج من الصالون وركض باتجاه السطح ليرى من هناك ما يحدث. وقفتُ بجانب باب المدخل المحاذي لباب الصالون وعندها ألقى المستوطنون الزجاجة إلى داخل الصالون واشتعل الحريق.
كان زوجي على السطح وأدرك أنّ حريقًا اندلع ونزل إلى الصّالون فورًا. بدأنا بالصراخ ومحاولة إطفاء النار. استيقظ الناس وجاءوا للمساعدة.
قبل السّاعة السادسة صباحًا حضرت الشرطة وجمعت الإفادات، وحضر جنود من مديريّة التنسيق والارتباط.
لم يُصب أحدٌ منّا إصابة جسديّة، ولكن لحقت الأضرار بالممتلكات، بما فيها غرفة الصالة والأثاث بقيمة نحو 1,200 ش.ج. ولليوم لا أنجح بالنوم في الليل. أنا أومن بأنّنا نجونا بأعجوبة. وبناتي أيضًا اللاتي كُنّا نائمات في الصالون، لا يوافقنَ على إعادة الغرفة إلى سابق عهدها. إنّهن يعانينَ الكوابيس في الليل.
أريد القول إنّ البيت الذي نعيش فيه قد شيّده زوجي في السنوات الخمس الأخيرة. لم ننتقل للسكن فيه إلّا قبل ثلاثة شهور. لقد حفظنا الله برعايته.
في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل من يوم الحادثة كنتُ نائمًا في البيت أنا وزوجتي وأولادي، وفجأةً سمعتُ أصواتَ نباح كلاب. أيقظتني زوجتي لكنّ النباح بدا لي أمرًا روتينيًّا، ومع ذلك وفور استيقاظي سمعت بعض الضجّة خارج البيت. اعتقدتُ أنّهم لصوص، ولذلك قمتُ من السرير لتفحّص ما حدث.
اقتربتُ من الباب الرئيسيّ وعندها سمعتُ صوت إلقاء غرض ما على سياج شباك الصالون. توجّهتُ فورًا وفتحتُ الباب، ونظرتُ إلى الخارج ولم أرَ شيئًا بسبب العتمة. أشعلتُ الضوء ونظرتُ ثانيةً ويبدو أنّ هذا أخاف الأشخاص الذين كانوا خارج البيت، وأمكَنني أن أرى أنّ أحدهم يحمل زجاجة حارقة، وشخص آخر يقف بجانب حائط بيتي.
عندما رأيتُ الزجاجة الحارقة خفتُ من أن يُلقيها هذا الشخص عليّ وعندها قررتُ الصعود إلى السطح كي أتبيّن أكثر ما يحدث في الخارج، وكي أدافع عن بيتي من السطح. توجد على السّطح حجارة وأشياء أخرى يمكنني أن أدفع بها المعتدين على الهرب. وفيما كنتُ أصعد إلى السطح بدأتُ بشمّ رائحة دخان تأتي من اتجاه الصالون، وعندها رأيتُ شخصيْن أو ثلاثة يهربون باتّجاه سيّارة خاصّة كانت تركن مقابل البيت على بعد نحو 20 مترًا. كانت السيّارة شغّالة ودخل إليها المعتدون وهربوا.
بدأتُ بالصراخ على الجيران كي يأتوا لمُساعدتي، وبعدها رجعتُ إلى الصالون وبدأتُ بإخماد الحريق. عندها حضر الجيران أيضًا الذين استيقظوا على صوت صراخي. وقد احترق أثاث الصالون.
عندما توجّهتُ إلى الخارج رأيت كتابات چرافيتي بالعبريّة على جدران المنزل، وعندها أدركتُ أنّهم مستوطنون أتوْا لحرق البيت. فيما بعد اتّصل أحد الجيران بالشرطة الفلسطينيّة، رغم أنّها ليست المسؤولة عن المنطقة، ولكن من أجل قيامها بتبليغ الشرطة الإسرائيليّة. انتظرنا حتى الخامسة والنصف وعندها اتّصل أحد الجيران بالشرطة الإسرائيليّة مباشرة. وقبل السّاعة السّادسة صباحًا بقليل حضرت سيّارات كثيرة من الشرطة والجيش وضبّاط مديريّة التنسيق والارتباط الإسرائيليّة. شاهدوا الحريق والتقطوا صورًا للصالون للچرافيتي في الخارج، وسجّلوا إفادتي وأخذوا الأدلّة، بما فيها القنينة التي ألقيت إلى داخل البيت وعلبة ثقاب.
بعد أيام عدّة اتصلوا بي من الشرطة ليسألوا إذا ما كان أحد أفراد العائلة قد لمس القنينة، وقلتُ لهم إنّ أخي لمسها. طلب الشرطة منّي ومن أخي القدوم إليهم، وأخذوا بصمات أصابع أخي وسلّموني تصديقًا بتقديم شكوى. ومن وقتها لم أسمع من الشرطة.
في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل من ليلة الحادثة، 31.12.2014، كنتُ مستيقظًا وسمعتُ صوت نباح كلاب. استيقظتُ قرابة السّاعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، فنحن نخلد للنوم باكرًا ونستيقظ باكرًا، وخصوصًا في الشتاء. قالت لي زوجتي: اذهب وتفحّص ما يحدث. ربما جاء الجنود لاعتقال شخص ما، لأنّ الجيش يعتقل الناس في الليل على وجه الخصوص. خرجتُ من البيت لرؤية ما حدث. أنا أعاني إعاقة جسدية طفيفة بعد أن تعرّضت لجلطة دماغيّة قبل فترة ما، ولديّ صعوبة في تحريك الرجل اليسرى.
فجأةً سمعتُ ضجّة مثل الطرق، واعتقدتُ أنّه طرق على الباب. فجأةً أدركتُ أنّ هذا صوت تكسير زجاج يأتي من صوب بيت ابني، الذي يبعد عنّي نحو 15 مترًا. يمكنني مشاهدة بيته من حيث بيتي.
نظرتُ صوب بيت ابني ورأيت ومضات من الضوء، كانت صغيرة في البداية ثم بدأت تكبر. أدركتُ أنّ هذا حريق، ولا بدّ أنّ مستوطنين أتوا لإحراق البيت، فنحن نسمع عن هذا في الأخبار من مرّة لأخرى.
بدأت زوجتي بالصراخ من أجل إيقاظ الجيران، وبدأت بالسير صوب بيت ابني. أنا بدأتُ بالنظر إلى ما يحدث في الخارج وميّزتُ شخصيْن أو ثلاثة يبتعدون صوب سيّارتهم التي كانت تركن بجانب الشارع. دخلوا السيّارة وهربوا صوب الجنوب، ورأيت السيّارة إلى أن وصلت مستوطنة مَعون، وبعدها لا يمكن رؤية ما هو أبعد من ذلك. كان الظلام دامسًا ولم أستطع تبيّن أيّ إشارات أو رموز على السيّارة.
في هذه المرحلة ساعد أناس من المنطقة ابني على إطفاء الحريق. بعدها توجّه ابني إلى المسجد وحكى للناس ما جرى. كانت السّاعة قد قاربت على الخامسة، وقد نصحوه بتبليغ الشرطة. وقرابة الساعة الخامسة والنصف اتّصل بالشرطة، وقرابة السّاعة السادسة حضرت الشرطة. وقد سجّلت الشرطة إفادتي كشاهد وإفادة ابني كمُشتَكٍ.
حضرت ثلاث دوريّات شرطة وإدارة مدنيّة. جمعوا الأدلّة من الموقع، بما فيها بقايا قنينة بلاستيكيّة كانت تحوي الوقود وأعواد الثقاب. قال ابني إنّ أخاه لمس القنينة أثناء إطفاء النار، وبعد عدّة أيّام على الحادثة استدعته الشرطة لأخذ بصمات أصابعه.
وكتب مُضرمو النار أيضًا كتابات چرافيتي على جدران البيت: “انتقام ملوكيّة إسرائيل”. ولو لم تكن كتابات چرافيتي لما صدّقونا.