
تقع قرية كفر مالك غربيّ محور ألون، شمال-شرق رام الله، وتبعد عنها مسافة 14 كم. تقع مستوطنة كوخاڤ هشاحار شرقيّ القرية، على مسافة 8 كيلومترات منها. في السبعينات، صودِرَ جزء كبير من الأراضي الواقعة شرقيّ القرية، لأغراض عسكريّة. في منتصف السبعينات، أقيمت مستوطنة كوخاڤ هشاحار على جزء من الأراضي المصادرة. عشيّة المصادرة، امتدت أراضي كفر مالك على مساحة 54,000 دونم، وصولًا إلى عين العوجا بجوار أريحا. بعد المصادرة تبقّت لدينا 12,000 دونم.
بالإضافة إلى مستوطنة كوخاڤ هشاحار، توجد أيضًا قاعدة عسكريّة على جزءٍ من أراضينا، جنوبيّ القرية، بقرب الشارع الواقع بين دير جرير والطيبة.
يقتطع أراضي القرية شارع ألون المُتاح لاستخدام المستوطنين. ويعاني أهالي القرية منذ ثلاث سنوات من مضايقات المستوطنين، لكنّ وتيرة المضايقات ارتفعت كثيرًا هذه السنة.
قطعة الأرض تابعة لأحد سكّان القرية، واسمه “ح.ت.”. أستأجرُ منه قطعة الأرض، ومساحتها 3 دونمات، وأزرع فيها القمح لاستخدامات شخصيّة ولقُطعاني. تجاور قطعة الأرض هذه أراضٍ أخرى التي أستأجُرها من أشخاص مختلفين، حيث أزرع أيضًا القمح باستمرار. أستأجر الأرض منذ خمس سنوات، وأدفع الإيجار لأصحابها.
قمتُ هذه السنة بزراعة القمح، ولم أحصده في موسم الحصاد، بل تركته لاستخدام القطعان. في يوم الواقعة، أيّ في 6.8.2008، قرابة السّاعة 11 ليلًا، كنت نائمًا في المنزل، ولم يكن هاتفي مُتاحًا. اتّضح أنّ أحد البدو المقيمين بجوار الأرض حاول الاتصال بي لإعلامي بأنّ أرضي أُحرقت، ولأنّني لم أكن متاحًا، اتّصل بشقيقي “ج.غ” وأعلمه بأنّ الحقل احترق.
ذهب “ج.غ.” وشقيق آخر لي، “ن.ج”، إلى مكان الواقعة وحاولا إخماد الحريق. عادا إلى المنزل قرابة الساعة الثالثة فجرًا، أيقظاني من النوم وأخبراني بأنّ الحقل احترق. ذهبت إلى الحقل سيرًا على الأقدام لفحص الوضع. وصلت إلى قطعة الأرض ورأيتُ أنّ الدونمات الثلاثة احترقت. بقيتُ لدى البدو المقيمين بقرب الحقل حتى الساعة العاشرة صباحًا، من ثم أوقفت سيارة أجرة وذهبت إلى شرطة بنيامين وقدّمت شكوى.
في يوم الواقعة، كنت أنا وشقيقي “ن.غ” في المنزل نشاهد التلفاز. تلقيت اتّصالًا من أحد البدو المقيمين بجوار مستوطنة كوخاڤ هشاحار وبجوار أراضي أخي. أخبرني بأنّ حقل القمح الخاصّ بشقيقي “س.غ” يحترق. ركبنا السيارة معًا وذهبنا لفحص وضع الأرض.
وصلنا إلى هناك قرابة الساعة 12 ليلًا ورأينا أنّ الحقل احترق بالكامل. حاولنا إطفاء النار بالرمل، وفي نهاية المطاف، نجحنا في منع انتشار الحريق لباقي الأراضي، واحترقت 3 دونمات فقط من أصل 100. لحسن حظّنا، لم تكن هناك رياح في تلك الليلة.
عندما وصلنا إلى الأرض، رأينا سيارة مركونة على الشارع مع مصباح وامض، أعتقد أنّها تابعة لـمُركّز الأمن الجاري في المستوطنة. ولكنني لم أميّز لون السيارة. أدركتُ أنّ هناك شخصًا ما يراقبنا، لكنني لم أميّزه. وقفت السيارة على بعد 15 مترًا من قطعة الأرض. انضمّت لاحقًا سيارة أخرى قادمة من اتجاه المستوطنة. حسبما رأيتُ، فإنّ السيارة الثانية لم تكن سيارة أمنيّة. قرابة الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، عندما انتهينا من إخماد الحريق، ركبنا السيّارة للعودة إلى المنزل. كانت السيارة مركونة في الشارع المؤدّي إلى الشارع الرئيس.
عندما هَمَمْنا بالسير، بدأت سيارتا المستوطنيّن بالسير أمامنا وسَدَّتا الطريق. ترجّل من السيارتيْن شخصان مُسلّحان، وترجّل أحدهما من السيارة الأمنيّة- وقد حمل مسدّسًا، أعرفه من أحداث سابقة، اسمه “ب” وهو المركّز الأمنيّ لمستوطنة كوخاڤ هشاحر. حمل الآخر بندقية إم 16، ولكنني لا أعرفه.
وضع كلاهما يده على الزناد، كانا خائفين وكادا أن يطلقا النار علينا. ولكنني قلت لـ “ب” بالعربيّة (“ب” يتحدّث العربيّة): “دير بالك، أنا أعرفك، واتصلتُ بالشرطة”. وفقط عندئذ هدأ، ولكن ليس قبل أن يطلب مني أن أسلّمه مفاتيح السيارة وبطاقة هويتيّ الشخصيّة وبطاقة شقيقي. أعطيته المفاتيح وبطاقات الهوية.
سألنا “ب” عمّا كنّا نفعل هناك، وأجبته بأنّه يعرف لماذا أتينا، لإخماد الحريق. سألني من أبلغنا بذلك، أجبته بأنّ البدو فعلوا ذلك. أخّرنا “ب” لمدّة ساعة ونصف تقريبًا. لم تأتِ الشرطة. لا يوجد لدينا اتصال مباشر مع الشرطة. عند حدوث الواقعة، اتصلنا بالسلطة الفلسطينيّة وطلبنا منهم تبليغ مديرية الارتباط والتنسيق الفلسطينيّة بذلك، لتقوم بدورها باستدعاء الشرطة من خلال مديرية الارتباط والتنسيق الإسرائيليّة. لا أعرف ماذا فعلوا غير ذلك. الشرطة لم تأتِ، وقد قلت لـ “ب” إنّنا استدعينا الشرطة لنحمي أنفسنا. أثناء الانتظار، استخدم “ب” جهاز الاتصال الذي كان بحوزته ليفحص (ربّما مع الجيش) أرقام بطاقات هوياتنا الشخصيّة ولوحة ترخيص سيارتي، ولكن لا توجد لديّ أي مشاكل مع السيارة.
طلب منّا “ب” الوقوف بجانب سيارتنا وعدم التحرّك. من ثم سألته، لماذا تفعلون ذلك معنا؟ ولماذا تسمح للمستوطنين بحرق القمح؟ قال لي إنّ بضعة مجانين فعلوا ذلك. أجبته بإنّه إذا كان لديهم مجانين، فلدينا نحن مجانين أيضًا.
عندما قلتُ له مجدًدًا إنّني اتّصلت بالشرطة، أجابني بأنّه لا حاجة لاستدعاء الشرطة، إنّها قصة بسيطة. قرابة الساعة الثانية- الثانية والنصف ليلًا، حضرت سيارة شرطة، وسيّارة تابعة لمديرية الارتباط الإسرائيليّة وأخرى عسكريّة. سجّلت الشرطة إفادتي وإفادة شقيقي ونحن هناك، ومن ثم طلبوا منا مرافقتهم إلى الأرض لنريهم الأضرار الناتجة عن الحريق.
قلت لهم إنّني أريد تقديم شكوى، وطلبوا منّي الذهاب في اليوم التالي إلى شرطة بنيامين، وفعل شقيقي ذلك في صباح اليوم التالي.
في تلك المرحلة، أدّى “ب”، رجل الأمن، دور المترجم، لأنّه يجيد العربيّة، كما جاء سابقًا، ولكنني لا أعرف ماذا ترجم بالتحديد. قرابة الساعة الثالثة فجرًا، عدنا إلى القرية، ذهبنا إلى شقيقي “س.غ.” لنعمله بما حدث.
الرجل الثاني الذي رافق “ب” كان أسمرَ البشرة، واعتمر قلنسوة (كيـﭘا)، بلغ طوله نحو 1.80 م، وعمره 28 عامًا تقريبًا، وارتدى زيًا مدنيًّا، لم يكن لديه شارب أو لحية، شعره أسود، قصير ومائل إلى الصّلع في مقدّمة الرأس. كان يهدّد ويقول طوال الوقت: “لا أخاف من أحد سوى الله، إن تحرّكتَ سأقتلك”، وصوّب سلاحه نحو صدري ورأسي طوال الوقت.
في ليلة الواقعة، قرابة الساعة 11، رأينا سيارة قادمة من ناحية مستوطنة كوخاڤ هشاحر. توقّفت السيارة أمام قطعة الأرض، وأطفأ السائق محرّكها. سمعنا طرقَ باب، ورأينا شخصًا ينزل من السيارة ويسير باتجاه قطعة الأرض. من ثم رأينا أنّ حريقًا اندلع في الحقل وبدأ بالانتشار بسرعة، وعادت السيارة أدراجها إلى المستوطنة. بعد بضع دقائق، رأينا سيارة مُركّز الأمن الجاريّ العسكريّ في مستوطنة كوخاڤ هشاحر الذي حضر إلى المكان وركن سيارته، ومن ثم انضمّت سيارة أخرى. أبلغنا أهالي قرية كفر مالك بأنّ أرضهم احترقت. حضروا إلى المكان ورأيناهم يُطفئون الحريق. سمعنا رجال الأمن يتحدّثون. تقع خيمتنا شماليّ المستوطنة، على بعد 500 متر من قطعة الأرض التي احترقت.
قرار سلطات تطبيق القانون في نهاية التحقيق
قُبل الاستئناف وأعيد فتح ملّف التحقيق. في 14.5.2009، بعد مرور أسبوعيْن على الإبلاغ بمعاودة فتح التحقيق، أعلمت الشرطة ييش دين بأنّه تم التحقيق مع الشاهد، وبأنّ الملّف أغلق مجددًا بتسويغ أنّ “الفاعل مجهول الهوية”.