

توفي والدي عام 2003 وأورثنا –نحن أبناءه الخمسة- أرضًا مساحتها نحو 11 دونمًا. نحن نملك وثيقة حصر إرث رسميّة ومُوقعة ومُصدّقة. تمتدّ الأرض على تلّة وسفح ينزل منها وأرض مستوية موجودة أسفل السفح. الأرض مزروعة كلّها بأشجار الزيتون. وهي تقع شماليّ مستوطنة شعاريه تِكڤاه وجنوبيّ كفار عزون عتمة. تبلغ المسافة بين أرضنا وبين عزون عتمة نحو كيلومتر واحد وبيننا وبين مستوطنة شعاريه تِكڤاه نحو 500 متر. أرضنا مغلقة بين جداريْن. الأول سياج شائك تابع للمستوطنة وفيه بوّابة يستخدمها المستوطنون (لديهم مفتاح لها) والثاني هو جدار الفصل.
في شباط 2006 قدّمتُ شكوى لدى شرطة كدوميم بمرافقة ييش دين، بخصوص الاستيلاء على أراضٍ بمُلكيّتي، أقام مستوطنون عليها اسطبلات للخيل. في تشرين الثاني 2006 قُدّمت دعوى قضائيّة لمحكمة الصلح في القدس وفي شباط 2008 صدر قرار الحكم الذي يُلزم المستوطنين بإخلاء الموقع حتى يوم 1.2.2009. وبما أنّ الخيول لم تُخلَ من الموقع، واصل أفراد ييش دين زيارة الموقع أثناء 2009 ووثّقوا وجود الخيل على أرضي.
في يوم الأحد قبل أسبوع، 2.2.2014، السّاعة 12:00 حضرتُ إلى مستوطنة شعاريه تِكڤاه. كنتُ مع سائقي، وهو إسرائيليّ من ݒيتح تِكڤاه ولسيّارته لوحة أرقام إسرائيليّة. في كلّ أسبوع أتوجّه لزيارة الأرض لتفقّد ما إذا طرأ تغيير عليها أم لا.
يمكنني الوصول إلى أرضي متى أشاء، ولكن لا يمكنني العمل فيها. قبل قرابة السنتيْن تلقيتُ تصريحًا بالدّخول إلى شعاريه تِكڤاه، إلّا أنّ هذا التصريح لم يكن لاستصلاح الأرض بل من أجل الدخول وفحصها. وكي يكون بوسعي استصلاح الأرض عليّ الحصول على تصريح خاصّ من الجيش أدخل به عبر بوّابة المزارعين لا عبر بوابة مستوطنة شعاريه تِكڤاه الرئيسة. وأنا أحصل على مثل هذا التصريح مرتيْن في السنة، أثناء موسم الحرث وأثناء موسم القطف.
إذًا كما سبق وقلتُ، في يوم الأحد توجّهتُ إلى الأرض ورأيت خيل المستوطنين هناك، ومعها عربة وطعام للخيل. كانت هناك 5-6 أحصنة. بعضها كان مربوطًا وبعضها حرًّا. وكان درابزين حديديّ للخيل رُبطت إليه بعض الأحصنة. هذا الدرابزين جديد أيضًا ولم يكن في السابق.
لم تكن هذه المرّة الأولى التي أرى فيها الخيل، إذ أنّني أزور أرضي كثيرًا وغالبًا ما كانت الخيل هناك. ولكن في الغالب لم يكن إلّا الخيل وحدها، غير مربوطة وتتجوّل في أرضي. الآن في آخر مرّة لم تكن الخيل وحدها بل رأيت العربة والدرابزين وطعام الخيل.
الأحصنة تأكل أشجار الزيتون وتركلها. مرةً زرعتُ أشجار زيتون جديدة وأتفلت الأحصنة كلّ الأشتال التي زرعتها. وفي المرّة الأخيرة التي جئت فيها أيضًا، يوم الأحد، كان وضع الأشجار كما هو: الأحصنة تفعل بها ما يحلو لها.
في زيارتي الأخيرة، وفي المرات السابقة أيضًا، لم أرَ أناسًا في الأرض.