
أنا من سكّان بورين، وأعيش مع زوجتي وأولادي الثلاثة الذين تراوح أعمارهم بين 5-10 سنوات في منزل من طابق واحد، موجود على طرف الحيّ الشرقيّ في القرية. يقع المنزل على سفح جبل، وعلى رأس الجبل توجد بؤرة ﭼڤعات رونين الاستيطانيّة على مسافة نحو 700 متر شمال- شرق المنزل. ونحن نعيش هنا منذ سنتيْن ونصف السّنة.
يعاني سكّان الحيّ بشكل دائم من عنف المستوطنين، الذين يأتون إلى الحيّ ويُلقون الحجارة على البيت. نحن نعيش في خوف دائم. في بعض الأحيان أرغب بالخروج في نزهة مع عائلتي بجوار البيت، ولكن عندها يحضر المستوطنون ويلقون علينا الحجارة ويشتموننا، وعندها يأتي الجنود في أحيان متقاربة ويطردوننا بدلًا من طرد المستوطنين.
في الساعة 22:00 من يوم الاثنين 25.11.2013، كنتُ أجلس مع الأولاد لتحضير وظائفهم البيتيّة، وفي الساعة 23:00 انتهينا من ذلك وأخلد الأولاد للنوم. ظللنا زوجتي وأنا مستيقظين. بعد وقت قصير من تمام الساعة 23:00 سمعنا ضجّة في الخارج، ولكنّنا لم نُولِ الأمر أهميّة لأنّ الجنود يأتون كلّ ليلة تقريبًا ويتجوّلون في الحيّ. قلتُ لزوجتي إنّ هذا نشاط “روتينيّ” للجنود من دون شكّ.
قرابة السّاعة 23:00 سمعنا صوت إلقاء حجارة كثيف صوب البيت، وقدّرنا بحسب الضجّة أنّ الحديث يدور عن مجموعة كبيرة من الأشخاص. طلبتُ من زوجتي الاتصال بأهلها الذين يعيشون في القرية.
وفيما كانت زوجتي تتحدّث في الهاتف رأيتُ دخانًا يرتفع من شبّاك المطبخ. اقتربتُ وأغلقتُ الشبّاك المفتوح. بدأت زوجتي بالصّراخ واستيقظ الأولاد وكانوا مصدومين وخائفين ومضغوطين. اتّصلت زوجتي بمحطّة الإطفاء في القرية. خفتُ من فتح الباب والخروج من المنزل، ودخلت غرفة الحمّام الملاصقة للمطبخ، ورأيت عبر شبّاك الحمام نارًا كبيرة تتسلق الحائط الشرقيّ من المنزل. سمعتُ صوت أشخاص، وكانت العتمة تسود المكان فلم أتمكّن من رؤيتهم. كنتُ قلقًا جدًّا، إذ كانت عبوّة غاز موضوعة بجوار حائط المنزل تحت شبّاك المطبخ، وكنت أخشى انفجارها.
في فترة معيّنة فتحتُ الباب وخرجتُ من المنزل، ورأيتُ والديّ زوجتي وأخاها والجار الذي حضر في هذه الأثناء. أطفأ أخ زوجتي والجار النارَ بمساعدة أنبوب مياه. لم تتضرّر عبوة الغاز، واحترقت جزئيًا سجّادة بلاستيكيّة كانت بجانبه.
لحسن الحظّ لم يتضرّر البيت، إلّا أنّ الأولاد أصيبوا بالخوف والصدمة والشعور بعدم الأمان والحماية، وهذا ضرر أكبر بكثير. أنا أعمل مُمرّضًا في مستشفًى بسلفيت، وأعمل مناوبات ليليّة وأنا قلق على زوجتي وأولادي الذين يظلّون في البيت وحدهم.
جارنا يعمل في السلطة الفلسطينيّة، فاتّصل بمديرية الارتباط الفلسطينيّة وأخبرهم بما جرى. قرابة السّاعة الثانية بعد منتصف الليل حضرت أربع سيّارات جيݒ تابعة للجيش ووحدة التحليل الجنائيّ ومعهم شرطيّ واحد. طلب منّي الشرطيّ بطاقة الهُويّة، وسجّل التفاصيل ودوّن إفادتي في الموقع. فحص أفراد “التحليل الجنائيّ” الآثار وجمعوا الزجاج والحجارة في أكياس نايلون. قال لي الشرطيّ إنّهم يعالجون الحادثة، وطلب منّي الحضور إلى أريئيل لتقديم شكوى. في السّاعة 2:45 تركوا المكان وقالوا إنّهم سيعودون بعد نصف ساعة.
قرابة السّاعة 3:10 بعد منتصف الليل حضر الجنود ثانيةً ومعهم ضابط في الشاباك، وهو المسؤول عن المنطقة على ما يبدو، وأخذ منّي بطاقة الهوية وسجّل تفاصيلها ودوّن إفادتي. وقد غادروا الموقع السّاعة 3:40. وقبل مغادرتهم قال لي ضابط الشاباك: “الآن يمكنك أن تهدأ وأن تدخل البيت”.
عند بزوغ الضوء تفحّصتُ آثار الحادثة. وجدتُ علامات دخان على الجزء العلويّ من الحائط الشرقيّ الواقع فوق شبّاك المطبخ؛ وعلامات اشتعال نار تحت شبّاك المطبخ؛ وسجّادة بلاستيكيّة احترق بعضها؛ وظلّت على الأرض في الموقع حجارة وقطع زجاجيّة؛ وعلامات دخان على الجهة الجنوبيّة من الجدار الاسمنتيّ الذي يحيط ساحة البيت. أنا أفترض أنّ زجاجة حارقة واحدة طالت الجزء العلويّ من الحائط الشرقيّ وأدّت إلى الحريق الذي اشتعل تحت شبّاك المطبخ، فيما أصابت زجاجة حارقة ثانية الجدار الجنوبيّ.