
أنا من سكّان منطقة اسمها خلّة البلوطة. تعيش فيها ستّ عائلات، وهي جزء من بلدة فلسطينيّة تشمل أربع مناطق موجودة كمُسَوَّرة (جزيرة) في داخل منطقة ﭼوش عتصيون. وتقع خلّة البلوطة غربيّ مستوطنة ألون شڤوت، بمحاذاة شجرة اسمها “الشجرة الوحيدة”.
علاقتنا مع المستوطنين جيّدة بشكل عام. قبل الانتفاضة الثانية كنّا ندعو بعضنا البعض إلى حفلات الزفاف. لا توجد مواجهات مع المستوطنين في الحياة اليوميّة، رغم أنّني واجهت بعضها في السابق.
في عام 2007 اعتدى مستوطنون على ابنتيّ الاثنتيْن في ميدان ﭼوش عتصيون أمام الجنود. أوقف الجنود المستوطنون، وقدّمت الشرطة لائحة اتهام ضدّ المستوطنين وخضعوا للمحاكمة. دُعيتُ لإدلاء شهادتي رغم أنّني لم أكن حاضرًا على الاعتداء، ولم تُدعَ البنتان لأنّهم اكتفوا بشهادتيهما في الشرطة.
قبل عاميْن اعتدى نحو 30 مستوطنًا على بيتي بالحجارة. اتّصلتُ بالشرطة ولم يردّوا عليّ. وبالصدفة مرّ مستوطن آخر من يشيڤات هار عتصيون ورأى الحادثة، فاتّصل بالشرطة، وفي غضون دقيقتيْن حضر شرطيّون وجنود. قدّمتُ شكوى بمساعدة ييش دين. ولم أُدعَ للشرطة إلّا بعد مرور أربعة شهور، وسألني الشرطيّ إذا كنتُ معنيًّا بالمضيّ قدمًا بالشكوى. رأيتُ أنّ تعاملهم لم يكن جدّيًّا وتنازلتُ.
في الاعتداء الحالي موضوع الحديث اعتدوا على ابنتي.
في يوم الحادثة، 13.7.2013، وقرابة السّاعة الرابعة والنصف عصرًا، كنتُ في البيت مع أُختيّ، وعمرهما 21 و14، ومع أخي ابن السادسة. كان أبي في المستشفى وكان أخوتي البالغون معه.
قرابة السّاعة الرابعة والنصف خرجت وَحدي إلى عريشة الدوالي الملاصقة لبيتنا. رأيتُ سبعة مستوطنين تراوح أعمارهم بين 18-20 داخل العريشة.
كان أحدهم يقف خارج العريشة وعند حضوري وقف ورائي وقال لي “روح من هون”. قلتُ له: “روح انت، مش أنا”. أدركتُ أنّه يريد العدّ حتى الثلاثة وعندها عليّ الذهاب. وكان شخص آخر في داخل العريشة يقف قبالتي (الأوّل كان خلفي) مُهدّدًا. حرّك يده وكأنّه يهمّ بصفعي على وجهي، أبعدتُ يدَه بيدي وعندها صفعني وركلني بقدمه.
المستوطن الذي كان في الخارج دفعني باتجاه الطاولة الموضوعة في العريشة، وفي هذه المرحلة قام بقية المستوطنين وكأنّهم سيعتدون عليّ. حملت بيدي حجرًا كان في العريشة. وعندما رأوا ذلك قاموا جميعهم وهربوا وبدأوا يلقون الحجارة على البيت عن بُعد نحو ستة أمتار. أصابني حجر كبير في رجلي فآلمني ذلك، ولكنني لم أكن بحاجة لتلقّي العلاج.
في مرحلة معيّنة خرج الجيران وعمّت الفوضى، ورأى المستوطنون تجمّع مجموعة كبيرة من الفلسطينيّين، فهربوا.
اتّصل أحد الجيران بالشرطة الإسرائيليّة. وقرابة السّاعة الخامسة حضر ثلاثة شرطيّين. سجّل أحدهم إفادتي في الموقع، ولكنّني لم أرَهم يخرجون في أعقاب المعتدين، رغم أنّه من الواضح أنّ المستوطنين كانوا ما يزالون في المستوطنة، فاليوم يوم السبت ولا يمكنهم مغادرة المكان.
بعدها قال الشرطيّون إنّهم سيعودون، وعادوا فعلًا نحو السّاعة السادسة والنصف. وقد جمعوا الحجارة التي ألقيت وقطع الزجاج من قنينة مكسورة- كلّ ما ألقاه المستوطنون.
أخذوني إلى شرطة كريات أربَع لتقديم شكوى مرتّبة. وعرفتُ أنّ المستوطنين ألقوا الحجارة على بيت الجيران أيضًا بعد أن تركوا بيتنا.
التقطت أختي الصّورَ للمستوطنين وهم يهربون، وعندما أدليت بالإفادة في الشرطة أخذوا الصور. في الغداة حضر محقّق واستكمل التحقيق.
أذكر من بين المُعتدين اثنين: الذي ضربني والذي كان قريبًا مني، رغم أنّهم بدوا جميعهم بنفس الهيئة، مع سوالف وكيݒاه، وارتدوا قمصانًا بيضاء وبناطيلَ داكنة. كانت بشرة ذلك الذي ضربني فاتحة وطوله 175-170 سم، ومبنى جسمه معتدل. شعره طويل بعض الشيء وداكن، لكنّه لم يكن أسودَ. كان الثاني بالطول نفسه، ومبنى جسده متوسط ونحيف، شعره جعديّ قليلًا وأسود، وله سالفان وكيݒاه. وكان يهمّني جدًا حماية نفسي ولم أدقّق في التفاصيل. تملّكني شعور بالخوف، ولم أعرف ما عليّ فعله، ووضعيّة أنّ شبّانًا يريدون ضرب فتاة وحيدة هي وضعيّة غير مريحة.
قرار سلطات تطبيق القانون في نهاية التحقيق
بعد معاينة موادّ التحقيق، قدّم طاقم ييش دين القانونيّ في كانون الثاني 2014 استئنافًا للمطالبة بإعادة فتح التحقيق واستنفاده. قبلت الشرطة بالاستئناف وأعيد فتح التحقيق لغرض القيام بتدابير تحقيق إضافيّة”.
في يوم 7.7.2014 عاودت الشرطة إغلاق ملفّ التحقيق بتسويغ “فاعل مجهول الهويّة”.