
بيتنا في حيّ تل رميدة وهو يقع على منحدر جبليّ محاط بكرم عنب. كرﭬان المستوطنة اليهوديّة موجود قبالة البيت تمامًا. شُيّد هذا الكرﭬان قبل نحو عشر سنوات، وتعيش فيه خمس عائلات، من بينها عائلة “م” وعائلة “أ”. وثمة طريق ترابيّة عرضها 2-3 أمتار تفصل بين بيتنا وبين الكرﭬان، وتؤدّي هذه الطريق إلى الشارع الرئيس.
قبل نحو أربع سنوات أنشأ المستوطنون في مقطع الطريق بين بيتنا وبين الكرﭬان منشآتِ ألعاب: مراجيح ودوأمات وغيرها، ما أدّى إلى سدّ الطريق المؤديّة إلى الشارع. ومنعنا المستوطنون من الاقتراب من المكان. وبعد معركة قضائيّة بمساعدة جمعيّة حقوق المواطن، أصدرت المحكمة قرارًا في آذار 2005 بوجوب فتح الطريق. وحضر الجيش مع قرار المحكمة وفتح الطريق. وبدأ الأولاد باستخدام الطريق التي فُتحت. وبعد أن أنهى الجنود مهمتهم ظلّت في المكان أغراض مختلفة، مثل القطع المعدنيّة ومُخلّفات الألعاب ولفّة من الأسلاك الشائكة.
في يوم الأربعاء، 23.3.2005، كنتُ في العمل على بعد قرابة الكيلومتر من البيت. حضر جاري إلى العمل وأخبرني بما حدث مع ابني ي.ع. وصلت إلى البيت في غضون عشر دقائق، وعند وصولي سألني الشرطيّ الذي كان حاضرًا بالمكان عمّا إذا كنتُ أرغب بتقديم شكوى ورددتُ بالإيجاب. أخذني الشرطيّون مع ابني إلى محطّة الشرطة في كريات أربَع، وهناك سجّلوا إفادة الولد، ولكنّهم لم يأخذوا منّي إفادة.
في يوم الأربعاء السّاعة 17:00 كنّا أنا وابنة عميّ التي تبلغ السابعة وجاري الذي يبلغ 12 عامًا نصعد الطريق الترابيّة التي فوق بيتنا. وكان في المكان ثلاثة جنود، وما أن رأونا حتى أمرونا بتنظيف المكان من مُخلّفات ألعاب المستوطنين ولفافات الأسلاك الشائكة التي كانت تعيق السير في المكان. ترك الجنود الثلاثة المكان مواصلين سيرهم.
بدأنا بإزالة المعوّقات، وبذلنا جهدًا لإزاحة ما تبقى من المزلجة وجذع شجرة زيتون ولفّات الأسلاك. عملنا نحو 40 دقيقة، وكان هناك جنديّ يقف على بعد نحو عشرة أمتار منّا، فنادانا وسألنا عن سبب إزالتنا للأغراض. قلنا له إنّ ثلاثة جنود كانوا هنا وطلبوا منّا فعل ذلك.
في تلك اللحظة جاءت المرأة من عائلة “أ”، وهي مستوطنة تعيش في الكرﭬان. حضرت بسيّارة سوبارو ستيشن بيضاء، وخرجت من السيّارة وبدأت بسبّ الله والنبيّ محمد. ونزل معها من السيارة أولادها الثلاثة الصّغار، وظلّ في السيّارة طفلان آخران عمراهما من 2-4 سنوات.
التقطت الحجارة التي كانت في المكان وبدأت برميها علينا، فهرب الولدان اللذان كانا معي. حاولتُ الهرب ولكنّني جُرحت بسبب الأسلاك الشائكة التي كانت تسدّ طريق هروبي. حاولت الهرب عبر الالتفاف على السيّارة لكنّ المرأة كانت أسرع منّي وأمسكتني ببلوزتي ودفعتني بقوّة على الحائط. تدخّل الجنديّ الذي كان هناك وحاول الفصل بيننا، لكنّها دفعته إلى الخلف، فعلقت رجل الجنديّ في الأسلاك الشائكة ووقع.
أمسكتني بيدها، ثم انحنت وأمسكت بسرعة حجرًا عن الأرض ووضعت الحجر في فمي وأغلقته بقوّة وضغطت على وجهي كي يظلّ فمي مغلقًا.
شعرتُ بأنّ أسناني تتكسّر، ونزل بعض الدم من فمي. لم أستطع مقاومتها. وفي هذه الأثناء وقف الجندي على قدميه ثانية، ولكنّه لم يتدخّل ثانية، وبدأ يتحدّث في اللاسلكي، طالبًا المساعدة على ما يبدو. وفي اللحظة التي بدأ يتحدّث فيها باللاسلكي أفلتتني وعادت إلى السيّارة، ثم أوقفتها ودخلت البيت برفقة أولادها.
وقد كُسر سِنّان من أسناني.
قرار سلطات تطبيق القانون في نهاية التحقيق
في يوم 4.3.2011 برّأت محكمة الصلح في القدس ي.أ. من التهمة المنسوبة إليها. وجاء في قرار الحكم أنّ التسويع الأساسيّ من وراء تبرئتها يأتي من التناقضات التي وردت في شهادات الطفلين اللذين حضرا في المكان {عمراهما 10 و13 عامًا}.