
في يوم الحادثة، الموافق 20.7.2012، كنتُ في قطعة الأرض التي أملكها والموجودة شماليّ حلحول، على بُعد نحو 500 متر جنوبيّ مستوطنة كَرميه تسور. كانت السّاعة نحو السابعة مساءً. كنتُ أسقي أشجاري. كان أوّل يوم صوم من شهر رمضان، وعند انتهائي من سقي الأشجار والتجهّز للعودة إلى البيت لاحظتُ وجود شخص ما في قطعة الأرض التابعة لـعماد قرجة، التي تبعد نحو 70 مترًا عن أرضي. اقتربتُ لاستيضاح الأمر، ورأيتُ مستوطنًا. كان يعتمر القلنسوة (كيݒا) ويضع النظارات وعمره بين 50-60 عامًا، وله لحية لونها أسود وأبيض، وجسده ممتلئ وطوله نحو 1.70 متر.
رأيتُه يقتلع شتلات الفقوس في قطعة الأرض وسألته بالعربيّة عمّا يفعله. لماذا يقتلعها؟ واتّضح لي أنّه يتقن العربيّة قليلًا، فأجاب: “هذه ليست مُلكك”. قلتُ له إنّها لجاري. وفي هذه الأثناء رأيتُ سيّارة مازدا جديدة، فضيّة اللون، تركن بجانب قطعة الأرض التابعة لـعماد ويجلس فيها شخص يبدو كفتًى عمره 15-17 عامًا، وهو طويل ونحيف. بدأ المستوطن بالتوجّه صوب السيّارة وسرتُ وراءَه. دخل السيارة وجلس وراء المقود وشغّل المُحرّك. وقفتُ أمام السيّارة واتّصلتُ بالشرطة. لم يردّوا عليّ. بدأ المستوطن بالسير وخفتُ أن يدعسني. تحرّكت جانبًا. رأيت السيّارة تدخل مستوطنة كَرميه تسور. حاولت حفظ رقم السيّارة عن ظهر قلب لكنّني نسيته.
اتّصلتُ بـعماد، الذي حضر خلال عشر دقائق. استطلعنا الأضرار التي لحقت بأرضه وعددنا 20 شتلة مقتلعة. اتّصل عماد بالشرطة، ولم يردّوا عليه هو أيضًا.
في الغَداة وصلنا السّاعة العاشرة صباحًا إلى الشرطة لتقديم شكوى بمرافقة ييش دين. لم ندخل إلّا الساعة الواحدة بعد الظهر. انتظرنا لساعة أخرى إلى حين العثور على مُحقق يتحدّث العربيّة. قدّمنا شكوى، وعرض عليّ المُحقّق صورًا في الحاسوب. وقد شخّصت المستوطن من خلال صورة جواز سفر بتأكيد 70%، وفي صورة له بالكامل شخّصته بتأكيد 80%. وحاول المحقق أن يقول إنّ هذا شخص من نابلس.

أنا أملك قطعة أرض مساحتها دونمان وتقع شماليّ حلحول، وجنوبيّ مستوطنة كَرميه تسور، على بُعد نحو 500 متر من بوابة المستوطنة. في عام 2009 عدتُ إلى استصلاح وزرع الأرض وكنتُ أنوي زرعها بالدوالي وأشجار اللوز وأشجار مثمرة أخرى. ورغم البُعد القائم بين قطعة الأرض والمستوطنة إلّا أنّ المستوطنين لا ينظرون بعين الرضا إلى زراعتي للأرض، وأنا أعاني الأضرار التي يُلحقها المستوطنون بمزروعاتي. ومنذ 2009 وقعت نحو عشر حوادث ألحق بها المستوطنون الأضرار بمزروعاتي. وفي أعقاب هذه الحوادث قدّمت خمس شكاوى، كانت آخرها قبل نحو الشهر بمساعدة ييش دين. وتشمل الأضرار اقتلاع الأشجار والدوالي والشتلات، وخصوصًا شتلات الفقوس التي أزرعها في الصيف.
في يوم 20.7.2012 اتّصل بي قريب اسمه “أ.ع.” وقال لي إنّه كان في المنطقة التي تقع فيها أرضي ورأى مستوطنيْن بجانبها، كان أحدهما يقتلع شتلات الفقوس منها. وقد طلب منّي الحضور فورًا إلى قطعة الأرض لمعاينة الضرر. بيتي قريب من قطعة الأرض ووصلتُ إلى الموقع سيرًا على الأقدام خلال عشر دقائق.
عند وصولي إلى قطعة الأرض كان “أ.ع.” ما يزال هناك، ورأيتُ الأضرار التي ألحقها المستوطن، الذي كان قد غادر الموقع. كنتُ قادرًا على التعرّف إلى سيّارة أمن المستوطنة التي كانت تركن إلى جانب بوّابة كرميه تسور. عددتُ نحو عشرين شتلة فقوس اُقتلعت وكانت قد بدأت تطرح ثمارها.
قال لي “أ.ع.” إنّه حضر في ذلك اليوم قطعة الأرض التابعة له والمحاذية لأرضي من أجل سقي الأشجار، وفجأةً رأى مستوطنًا في أرضي وسيّارة من نوع مازدا فضيّة تركن إلى جانب القطعة، وفي داخلها مستوطن آخر. أخبرني “أ.ع.” بأنّه دخل القطعة وأمسك بالمستوطن وهو يقتلع الشتلات.
وقال “أ.ع.” إنّه سأله عمّا يفعله، وأجابه المستوطن بأنّ الأرض ليست للفلسطينيّين بل للمستوطنين. قفز المستوطن إلى داخل السيّارة، وكان عمره 40-50 عامًا، وعمر الذي كان يجلس في السيّارة 16-17 عامًا، وربما يكون ابنه. نجح “أ.ع.” في تذكّر رقم السيّارة، وحاول أيضًا منعه من السير، إلّا أنّ السيّارة كادت أن تدعسه. وفيما بعد نسي “أ.ع.” رقم السيّارة.
عندما كنتُ في قطعة الأرض اتّصلتُ بشرطة عتصيون، لكن لم أتلقَّ ردًّا. وحتى في الغداة –يوم السبت- اتّصلت بشرطة عتصيون ولم أتلقَّ ردًّا أيضًا. في يوم الأحد 22.7.2012، توجّهتُ إلى شرطة عتصيون لتقديم شكوى، وقلتُ للشرطيّ إنّني هنا لتقديم شكوى بخصوص الأضرار التي حصلت، وإنّني قدّمت شكاوى أخرى في السابق. أمرني الشرطيّ بالانتظار لعدم وجود شرطيّ يتحدّث العربيّة في المحطة. بعد انتظاري مدّة 2-3 ساعات خرج الشرطيّ ذاته وبعد اعتذاره عن عدم وجود شرطيّ يتحدّث العربيّة في المحطة، طلب منّي تقديم الشكوى في شرطة كريات أربع.
في الغداة، يوم 23.7.2012، توجّهتُ برفقة “أ.ع.” وممثل عن ييش دين إلى شرطة كريات أربع. وصلنا قرابة السّاعة العاشرة، ولم ندخل المحطة إلّا السّاعة الواحدة بعد الظهر. بعد دخولنا انتظرنا نحو 40 دقيقة أخرى إلى أن عثر الشرطيّون على محُقّق يتحدّث العربيّة. قدّمت الشكوى وأدلى “أ.ع.” بإفادة مُفصّلة عن الحادثة. وقد أجروا طابور تشخيص بواسطة الصور، وتعرّف “أ.ع.” إلى شخص مشابه.
أريد القول إنّ المشكلة لا تكمن في الضرر الماديّ فقط، بل بالشعور بأنّ المستوطنين يُخربون أرضي لأنّهم يريدون الاستيلاء عليها. الضرر الأساسيّ كان في اقتلاع الدوالي، التي كانت من المفروض أن تطرح ثمارها الآن.
قرار سلطات تطبيق القانون في نهاية التحقيق
عاين طاقم ييش دين القانونيّ موادّ التحقيق وقدّم استئنافًا للمطالبة بإعادة فتح ملفّ التحقيق. ويتّضح من موادّ التحقيق أنّ المشتبه به الذي أشير إليه من خلال طابور التشخيص بالصور، قد خضع للتحقيق لدى الشرطة بعد سنة ونصف السنة من وقوع الحادثة، وأنّ عذر الغياب الذي أدلى به، بأنّه لم يكن في المنطقة يوم وقوع الحادثة، لم يُفحص البتّة.
في يوم 1.2.2016 رفضت نيابة الدّولة الاستئناف بادّعاء عدم وجود ما يكفي من الأدلّة للمقاضاة.