
يملك جدي قطعة أرض تبلغ مساحتها 335 دونمًا، وتُدعى قعدة حلاوة. قطعة الأرض مسجّلة على اسم أبي. تقع الأرض على مسافة 200 متر شماليّ قرية جيت. الأرض محاذية للشارع الصاعد نحو مستوطنة كدوميم.
قبل أربعة أشهر، في أحد أيام كانون الثاني، تبرّعت لنا منظّمة “حاخامات من أجل حقوق الإنسان” بـ 400 شتلة زيتون. رافقنا نشطاء المنظّمة إلى الأرض، وغرسنا الشتلات معًا.
بعد شهرين، في أحد أيّام شهر آذار، في الساعة 08:00 صباحًا، خرجنا مُجدّدًا إلى الأرض لحراثتها، وقد رافقنا متطوّعون من المنظّمة. كنّا عشرة أشخاص- أبناء عائلتي والمتطوعين. أثناء العمل، توقفت بجوارنا سيارة إسرائيليّة صفراء اللون، كانت تسير على الشارع المؤدّي إلى كدوميم. بقيت هناك لبضع ثوانٍ ومن ثم تابعت سيرها. أعتقد أنّها سيارة “د.و.”، رئيسة مجلس كدوميم. أعرفها جيدًا، وقد رأيتها في السابق تقود هذه السيارة.
بعد خمس دقائق، حضرت إلى الشارع المحاذي للأرض سيارتان أمنيتان تابعتان للمستوطنة، إحداهما بيضاء اللون والثانية زرقاء، أعرفهما جيدًا. كانتا تجوبان الشارع، تبتعدان تارةً وتعودان تارة أخرى.
بعد عشر دقائق، حضرت سيارتان عسكريتان، طراز هامِر. نزل من السيارة 10 جنود، اثنان منهم كانا ضابطين كبيرين. توجّه أحد الضابطين إليّ وسألني بالعربيّة: “من صاحب الارض؟”، قلت له إنّني صاحب الأرض. أخبرني بأنّ الأرض هي منطقة عسكريّة مغلقة أمام الإسرائيليّين، فغادر المتطوّعون الذين كانوا معنا المكان.
بقي في المكان خمسة أشخاص، أنا وأبناء عائلتي، والجرّار. تابعنا حراثة الأرض. غادرت السيارات المكان، وبقي هناك ثلاثة جنود لحراستنا. استمرت السيارات الأمنيّة التابعة للمستوطنة بالتجوال في المنطقة، بحيث كانت تقترب تارةً وتبتعد تارةً أخرى، مرّة كلّ ربع ساعة تقريبًا. تابعنا العمل حتى الساعة 16:00 ومن ثم عدنا إلى بيوتنا.
بعد شهرين، في تاريخ 6.5.2007 في ساعات بعد الظهر، خرجنا لحراثة الأرض. أحضرت أيضًا الماء لريّ الشتلات. ذُهلت لرؤية جميع الشتلات، وعددها 370، مُقتَلَعة من مكانها. وقد أُخذت بعض الشتلات من الأرض أيضًا. حسب حالة الشتلات الجافّة، يبدو أنّها اقتلعت من الأرض قبل حوالي شهر-شهريْن.
وبينما وقفت مصدومًا، محاولًا استيعاب المشهد، حضرت إلى المكان السيارة الأمنيّة التابعة للمستوطنة. السيارة البيضاء نفسها التي كانت تجوب المنطقة في المرّة السابقة. توقفت السيارة في الشارع. لم يحدث شيء بيننا، غادرت المكان، بينما بقيت السيارة هناك.
بعد يومين، في 8.5.2017، ذهبت إلى شرطة كدوميم لتقديم شكوى. في اليوم التالي، وبعد تنسيق مع الشرطة، انتظرت في الأرض، وفي الساعة 17:00، حضرت سيارة شرطة وسيارة جيب عسكريّة. نزل شرطيان من سيارة الشرطة، وجلس في سيارة الجيب ضابط وسائق. أريتهم الضرر الذي لحق بالشتلات، قاموا بتصويري مع بقايا الشتلات المُقتلعة. سألني الشرطي عن المسافة التي كانت تبعد بين الشتلة والأخرى، أجبته بأنّها تتراوح بين أربعة وسبعة أمتار.
فجأة، حَضَرت جرّارات يقودها مستوطنون. قدموا من مستوطنة كدوميم عيليت، ووقفوا على بعد 300 متر من مكان وجودنا. استمررت في إطلاع رجال الشرطة على الأضرار، ولكن عندما ظهر المستوطنون في الأفق، سارع رجال الشرطة لمقاطعتي ومغادرة المكان. يبدو أنّهم هربوا من المستوطنين.