
أنا من سكّان قرية فَرْعَتا، والمُعيل الوحيد في العائلة، وأسكن في الحيّ الشرقيّ على بُعد نصف كيلومتر من مركز القرية. على مسافة كيلومتر من بيتي صوب الشرق تقع بؤرة حَڤات ﭼلعاد الاستيطانيّة.
أنا أعيش هنا منذ نحو سنة ونصف السنة ونحن نعاني عنف المستوطنين اليوميّ. يأتون حتى بيوت الحيّ ويحرقون الأشجار ويُلقون الحجارة ويسرقون الحيوانات. قبل سنة سرقوا من والدي بقرة، وفي تموز الماضي حضر المستوطنون في منتصف الليل إلى ساحة بيتي وثقبوا إطارات سيّارتي.
في السّاعة 3:00 قبل الفجر ليوم 19.11.2013، استيقظتُ على صوت ضجّة قويّة وأصوات زجاج يتكسّر. سمعتُ أيضًا صراخَ جاري. نهضتُ فورًا وارتديتُ ملابسي وتوجّهت إلى الخارج. رأيتُ لهبًا يتصاعد من سيّارتي من طراز مرسيدس والتي كانت تركن في ساحة البيت. بدأت النار تشتعل أيضًا في شاحنتي التي كانت تركن في الساحة هي الأخرى. كان النيران قويّة جدًا وتوجّهتُ إلى أنبوب المياه الموجود في الحديقة، وبدأتُ مع الجار محاولة السيطرة على النار. استغرقنا نصف ساعة لإطفاء الحريق ولكن السيّارة للأسف أُحرقت كلّها تقريبًا فيما احترقت الشاحنة جزئيًّا.
اتّصلتُ فورًا برئيس المجلس في القرية وأخبرته بما حدث، واتصل هو بدوره بمديريّة الارتباط الفلسطينيّة، وهم نقلوا التفاصيل إلى مديريّة الارتباط الإسرائيليّة. وصلت سيّارة جيݒ عسكريّة قرابة السّاعة 3:40. سألنا الجنود عمّا حصل وشرحت لهم وذهبوا. وثّقت كاميرات المراقبة التابعة لجاري ثلاث شخصيّات لمستوطنين ملثّمين وصلوا من جهة بؤرة حَڤات ﭼلعاد وهم يضرمون النار. للأسف، بسبب العتمة ولكون مُشعِلي النار ملثّمين لم يكن بالإمكان التعرّف إليهم. وقد رشّوا نجمة داوود على جدار البيت.
في السّاعة 10:30 صباحًا وصل الكثير من قوّات الجيش وحرس الحدود والشرطة الإسرائيليّة ومعهم أفراد من الشاباك أيضًا. سجّل الشرطيّون إفادتي وإفادة جاري، والتقطوا صورًا للأضرار ورفعوا بصمات الأصابع. وأخذوا أيضًا تسجيلات كاميرات المراقبة.
كان المشهد صعبًا للغاية ومُخيفًا. زوجتي التي كانت نائمة واستيقظت بسبب صراخي أصيبت بصدمة. وحتّى هذه اللّحظة أنا لا أستوعب ما حدث. فقبل أشهر قليلة فقط جاء المستوطنون وثقبوا إطاراتي، ولكنّ الضربة هذه المرّة موجعة أكثر. نحن نتحدّث عن أضرار باهظة تصل قيمتها إلى 80,000 ش.ج.، إلّا أنّ الضرر الأكبر هو الضرر النفسانيّ والشعور بالعجز وانعدام الأمان في بيتي، أنا أخاف من أن يأتوا في كلّ لحظة وأن يحرقوا البيت ونحن موجودون فيه، وخصوصًا أنّهم فعلوا ذلك في قرية أخرى قبل يوميْن.
للأسف أنّ الشرطة والجيش وكلّ أفراد قوى الأمن لا يفعلون شيئًا ضدّ المستوطنين، ولا يوقفونهم ولا يُحاكمونهم، ولذلك فإنّهم يواصلون إرهابهم.
أنا أتّهم دولة إسرائيل بكلّ ما يحصل معنا لأنهم لا يعالجون مسألة هؤلاء المجرمين بشكل جديّ، والمستوطنون يعتدون علينا ليلَ نهارَ من دون تطبيق القانون، وقد استولوا على أراضي القرية وأنشأوا بؤرة استيطانيّة غير قانونيّة، ودولة إسرائيل ما تزال مكتوفة اليديْن.
أنا لا أعرف ما سيحدث في المستقبل، لكنّني أخاف من أن يأتي اليوم ويقتلونا في داخل البيت وبعدها قد تستيقظ دولة إسرائيل، وأريد أن أسأل قوّات الأمن الإسرائيليّة المسؤولين عن الأمن في المنطقة كما يدّعو، ماذا كانوا سيفعلون وكيف كانوا سيتصرّفون لو كُنّا أتينا نحن إلى المستوطنة وحرقنا بيوتهم وسيّاراتهم أو اعتدينا عليهم؟
كلّ ما أريده هو العيش بهدوء واحترام والشعور بالأمان في بيتي، وهذا حقّ أساسيّ لكلّ إنسان.
قرار سلطات تطبيق القانون في نهاية التحقيق
في يوم 4.2.2015 حكمت المحكمة المركزيّة مركز- اللد على “ب.ر.” بـ 36 شهر حبس فعليّ، وحبس مع وقف التنفيذ وتعويض الضحيّة بمبلغ 15,000 ش.ج.