
لديّ جرار ومِحراث، وأقوم عادةً بحراثة أراضي قرية قريوت مقابل أجرٍ. تقع هذه الأراضي على بعد أربعة كيلومترات شرقيّ المحور 60، و18 كيلومترَا جنوبيّ مفرق تَݒُوّاح.
في صباح يوم السبت، 18.4.2009، كنت أحرث أرض “ر.ع.” الواقعة غربيّ القرية، في منطقة تُدعى بطيشة. عملت هناك من الساعة الثامنة وحتى التاسعة، وعندما انتهيت اتصلت بـ “م.ع.”، الذي تجاور أراضيه قطعة الأرض التي أعمل فيها، لأنّنا كنّا قد اتفقنا أن أذهب لحراثة أراضيه عند إنهاء عملي لدى “ر.ع.”، الذي عاد إلى بيته. وصل “م.ع.” إلى المكان في سيارته، ركنها وركب الجرّار معي. سرنا لمدّة ثلاث-أربع دقائق باتجاه أرضه. يوجد في الطريق منحدر شديد يليه منعطف حادّ باتجاه اليسار، لذلك سافرنا ببطء.
شعرت فجأة بـأنّ “م.م” يمسك بي ويسحبني، ومن ثم رأيت مستوطنًا مع سكين كبير، سكين كوماندو يبلغ طوله حوالي 30 سم. عند الانعطاف يسارًا، توجد شجرة زيتون كبيرة، لذلك لم أتمكّن من رؤية المستوطن قادمًا. انعطفتُ نحو اليسار، وانعطف المستوطن نحو اليمين وغرز السكين في الإطار الخلفيّ للجرّار. رأيت أيضًا أنّ هناك ثقبين في الإطار الأيسر للجرّار، أحدثهما المستوطن من دون أن ألحظ ذلك، ربّما بسبب ضجيج الجرّار.
أنا أملأ إطارات الجرّار بالماء وليس بالهواء، لتكون المركَبة أكثر ثباتًا، لذلك رأيت الماء يخرج من الإطارات. توقّفت في تلك اللحظة، وقد كان السكين لا يزال مغروزًا في الإطار الأيمن، ومن ثم سحبه المستوطن بقوة. ترجّلنا أنا و”م.ع.” من الجرّار، وأخذ المستوطن يعدو على الطريق الترابيّة نحو مستوطنة “عالي”. انحنينا أنا و”م.ع.” لالتقاط الحجارة ورميها باتجاه المستوطن، والذي كان على بُعد عشرين مترًا من مكان وجودنا، ولكنه هرب.
ركبنا أنا و”م.ع.” الجرّار مُجدّدًا، سرنا بضعة أمتار حتى فرغت الإطارات تمامًا، وتعطّلت المركبة. أوقفنا الجرّار وترجّلنا منه. اتّصلت برئيس مجلس قرية قريوت. طلب منّا أن ننتظر حتى يحضر رجال الشرطة ومديرية التنسيق والارتباط. بعد حوالي ساعة ونصف السّاعة، حضر ضابط من مديرية التنسيق والارتباط. أخبرناه بما حدث، ومن ثم ذهبنا معه إلى مكان الواقعة لفحص الآثار. التقط بضع الصور وطلب منّا الذهاب إلى الشرطة لتقديم شكوى، ومن ثم غادر المكان.
استدعينا شاحنة سحب وذهبنا إلى البيت. الضّرر الذي لحق بالإطارات يقدّر بـ 3,000 شيكل. أوصاف المستوطِن: طويل القامة، نحيل، يرتدي بنطالًا كاكيًا وسترة سوداء، ينتعل حذاءً مرتفعًا، وكان ملثّما بغطاء وجه أسود اللون يكشف عن عينيْه فقط.
في صباح اليوم التالي، 19.4.2009، ذهبت برفقة “م.ع.” لتقديم شكوى، وأراد “م.ع.” الإدلاء بشهادته أيضًا، ولكن الضابط سأله عمّا إذا لحق به ضرر ما، وعندما أجابه “م.ع.” بالسلب، رفض الضابط تسجيل إفادته. قال الضابط أيضًا إنّه توجّب عليّ تقديم الشكوى في شرطة بنيامين.
حصلت على مصادقة لتقديم شكوى، ولكنني لم أحصل على رقم الشكوى. يوجد بجوار مكان الواقعة برج مراقبة مزوّد بالكاميرات.
أسكن في قرية قريوت ولديّ قطعة أرض تبلغ مساحتها دونمًا ونصف الدونم، وهي مزروعة بـ 40 شجرة زيتون روميّة قديمة. ورثتُ هذه الأرض، وأنا أحرثها مرةً في السنة، وأقوم عادةً بتشغيل عامل مع جرّار.
قمت هذه السنة بتشغيل “ش.ح.”، ونسّقت معه قبل يوم أن يحرث الأرض، وأخبرني بأنّه سيحرث أرض “ر.ع.”، واتّفقنا أن نلتقي هناك عندما ينهي عمله لنذهب إلى أرضي.
اتّصل “ش.ح” بي في الساعة التاسعة، التاسعة والنصف، وخرجت بسيارتي باتجاه أرضي. وصلت إلى هناك بعد حوالي ربع ساعة، ركنت السيارة، والتقيت بــ “ش.ح.”، وركبت الجرّار وجلست على الناحية اليسرى. للوصول إلى أرضي، يجب تسلّق التلة، إذ لا يمكن الوصول إلى هناك في سيارة خصوصيّة.
سافرنا لمدّة أربع دقائق، بدأنا بالتسلّق، حيث يوجد هناك منعطف نحو اليسار، وبسبب صعوبة الطريق، سرنا ببطء شديد. توجد على الناحية اليسرى شجرة زيتون كبيرة. فجأة، رأيت أمامي على الناحية اليسرى مستوطنًا يحمل سكينًا، خشيت أن يقوم بطعن “ش.ح.”. ولأنّ “ش.ح.” لم يرَ المستوطن، فقد احتضنته لحمايته. في تلك اللحظة، غرز المستوطن السكين في الإطار الخلفيّ، علق السكين في الإطار، ومن ثم رأيته يمسك السكين بيديه ويسحبه من مكانه.
أوقف “ش.ح.” الجرّار، وترجّلنا منه، وأخذ المستوطن يعدو نحو مستوطنة عالي. عندما نزلنا من الجرّار، رأيت أنّ الإطار الثاني كان مثقوبًا أيضًا. ولأنّ إطارات الجرّار مليئة بالماء، رأيت الماء يخرج من الإطاريْن. في غضون ذلك، كان المستوطن قد ابتعد عنّا نحو عشرة أمتار. انحنينا لالتقاط الحجارة لرميها نحوه. ومن ثم رأيته يمد يده نحو خاصرته، حيث وضع مسدّسًا، ولذلك تنازلنا عن فكرة رمي الحجارة، وتابع المستوطن الجري نحو المستوطنة.
ركبنا الجرّار وحاولنا الوصول إلى القرية، ولكنه تعطّل تمامًا بعد مئة متر تقريبًا. اتصل “ش.ح.” برئيس المجلس، الذي طلب منّا الانتظار في مكان الواقعة إلى حين قدوم أحد من مديرية التنسيق والارتباط. بعد حوالي ساعة ونصف السّاعة، وصل ضابط من مديرية الارتباط والتنسيق، والتقط صورًا للجرّار ومكان الواقعة، وطلب منّا الذهاب إلى شرطة حوّارة لتقديم شكوى.
في اليوم التالي، ذهبت مع “ش.ح.” لتقديم طلب، سألني الضابط ما إذا لحق بي أذى، وعندما أجبته بأنّني لم أصب بأذى ولكنني كنت شاهدًا على الواقعة، قال إنّه لا حاجة لأن أدلي بشهادتي.