

أرضي مُلكٌ لعائلتي، لي ولأشقائي. تُدعى قطعة الأرض “الرفيد”، وتقع شماليّ طريق ألون، على مسافة 200 متر شماليّ الشارع المؤدّي إلى مدخل القرية. لدينا عشرة دونمات تحتوي 200 شجرة زيتون و20 شجرة تين زُرعت قبل 40 عامًا. بما أنّ الأرض قريبة، فإنّنا نمكث هناك طوال الوقت. نعتني بالأشجار، نرويها بالماء الذي نحمّله إلى الأرض فوق الحمير، ننظّف التربة ونقطف التين.
قبل عدة أشهر، نصب مستوطنون من البؤرة الاستيطانيّة عادي-عاد كراڤانين فوق قمة الجبل، على بعد 300 متر من أرضنا. أخلَتهم الشرطة والجيش مرتين، ولكنهم عادوا. قدّمنا عدة شكاوى حول هذا الشأن.
يوم الجمعة، الموافق 4.9.2009، أتت العائلة بأكملها إلى الأرض في الساعة 5:30 صباحًا، بعد أن تلقينا مكالمة من راعي ضأن أخبرنا بأنّ أشجارنا قُطعت. صُدمنا عندما رأينا أنّ جميع الأشجار قُطعت، بدت قطعة الأرض كمقبرة للأشجار. قام رجال الشرطة بعدّ الأشجار المقطوعة، وصوّروا كلّ شيء. من ثم قام ضابط من مديرية الارتباط والتنسيق بعدّ جميع الأشجار وتصويرها. ذهبت مع “ج.ن.” إلى شرطة بنيامين وقدّمنا شكوى. أخذنا معنا إلى محطّة الشرطة بضعة فروع من أشجار الزيتون المقطوعة.

تقع أرضي على مسافة 250 مترًا من طريق ألون، غربيّ الشارع، وعلى بعد كيلومترين جنوبيّ البؤرة الاستيطانيّة عادي-عاد. توجد في المنطقة ثلاثة دونمات تُدعى الرفيد، اشتريتها قبل 15 عامًا من شخص اسمه “أ” من قريوت. في أول عامين، زرعنا القمح والحمّص والبذور الموسميّة. قبل 13 عامًا، زرعنا شتلات زيتون، ونقطف محصولها منذ خمس سنوات. الأرض مزرعة بخمسين شجرة.
في السابعة صباحًا من يوم الجمعة، أعلنَ في المساجد عن قطع أشجار الزيتون في الرفيد، وذهبت إلى هناك لأنّني قلقت على أشجاري، عند وصولي، كان هناك 200 شخص. فزعت لرؤية جميع الأشجار المقطوعة، ومن بينها 25 شجرة من أشجاري، قطعوا أيضًا لــ “ص” 70 شجرة، ولـ “ل.أ.” 200 شجرة زيتون و20 شجرة تين. يصعب عليّ وصف المشهد.
صوّرَت الشرطة والجيش الأشجار بكاميرا فيديو، وعدّوا الأشجار المقطوعة، من ثم رافقونا إلى شرطة بنيامين لنقدّم شكوى. بقينا هناك حتى الساعة الرابعة. عند عودتنا، تحدّثت مع الضابط وأخبرته بأنّ هناك قطعة أرض أخرى في “المُعزّ” وعلمتُ بأنّ بعض الأشجار تضرّرت هناك. رافقته إلى هناك ورأينا أنّهم قطعوا 25 شجرة ، وبذلك، بلغ عدد الأشجار المقطوعة 52 شجرة.

لدي قطعة أرض بمساحة 15 دونمًا في الرفيد، كنت قد ورثتها عن والدي. زُرعت في عشرة دونمات 70 شجرة زيتون وعشرة أشجار لوز، وهناك 5 دونمات أرض بور. غرسنا أنا وأبنائي هذه الأشجار عام 1974، عندما كانوا صغارًا.
شغلت على مدار 37 عامًا منصب مدير مدرسة في قريتي ترمسعيا وسنجل، في تلك الفترة، كنت آتي إلى الأرض مرة في الشهر. أنا متقاعد الآن، وآتي إلى الأرض ثلاث مرات في الشهر للاعتناء بالأشجار، يساعدني أيضًا جاري “ج.ن.” الذي يمتلك أرضًا مجاورة لأرضي.
قبل عشرة أيام تقريبًا، كنت في الأرض برفقة ابني الصغير، البالغ من العمر 15 عامًا، وكنّا نقطف اللوز. عندما ترجّلت من السيارة، رأيت حوالي عشرة مستوطنين بجوار الكراڤانات التي نصبت فوق قمة الجبل، وكانوا ينظرون نحونا بالناظور. بقيت هنك لمدة ساعتين تقريبًا، تنقّلت بين الأشجار، وكلّ شيء بدا على ما يرام.
في الساعة الثامنة من صباح يوم الجمعة، اتّصل بي “ل.أ.” وأعلمني بالأنباء الصعبة. أتيت مع ابني “ص”، البالغ من العمر 30 عامًا، في سيارته. عندما رأيت الأرض صُدمت، بكيت وبالكاد استطعت النظر إلى هذا المشهد المروع.
أن ترى أشجار زيتون يبلغ عمرها خمسة وثلاثين عامًا مذبوحة وملقاة على الأرض كالجثث، لا يمكنني وصف الألم، كنت كالأب الثاكل. أعتبرُ هذه الأشجار أبنائي، كنت أعتني بها وارويها بالماء والعرق، لديّ ذكريات مع كلّ شجرة.